الصليبيين الأوائل أدت إلى قيام مملكة لاتينية من حلف يجمع أربع دول إقطاعية؛ وأن سنة 1130 أو حولها. شهدت أكبر ما بلغته هذه المملكة اللاتينية من اتساع الرقعة فامتدت من ديار بكر إلى مشارف مصر، وأن حلب وحماه وحمص وبعلبك ودمشق وافقت على أداء الجزية، وإن احتفظت باستقلالها وهذا كله وهم. فلا نعرف مملكة لاتينية بهذا التماسك وبهذه الوحدة بل نعرف فى تاريخ الصليبين الداخلى شدا وجذبا بين الأمراء الإقطاعيين على مختلف مراتبهم، وبينهم وبين الكنيسة، وبين الفريقين وبين الجاليات التجارية الإيطالية -كما نعرف شدا وجذبا بين الصليبيين الذى ولدوا فى الأرض الشآمية والصليبيين الوافدين حديثا من الغرب- أما ما ذكر عن المدن الإسلامية وموافقتها على دفع الجزية فتعبير لا يطابق الحقيقة- لأن تعبيره يوهم بأنها جميعا فى وقت واحد أدت الجزية، وهذا غير صحيح. فالذى كان يحدث هو أن الحروب بين المسلمين والصليبيين (فيما عدا حروب الحملات الصليبية العامة الأولى والثانية إلخ) كانت حروبا متقطعة ومحلية وأنها قد تنجلى عن اتفاقات محلية خاصة بين صليبى وأمير مسلم، وقد يدفع الجزية المسلم وقد يدفع الجزية الصليبى.

وأخيرا فات الأب لامنس أن يذكر أن قيصر الروم لم يعترف للصليبيين بوحدة أو بسيادة.

وفاته أن يشرح موقف اليهود وموقف المشآميين المسيحيين الذين كانوا يتبعون الكنائس الشرقية من الصليبيين ومن الكنيسة الرومانية، كما فاته أن يشرح سياسة الصليبيين من أولئك ومن هؤلاء ولذلك كله فإننا لم نفهم معنى قول الأب ويمكننا أن نحيى فى التعاون بين الفرنجة وأهل البلاد مولد حضارة فرنجية جديدة مؤتسين بقول البابا أو نوريوس الثالث: ونعنى بذلك بزوغ فجر حضارة أصيلة، على أن القضاء على المملكة اللاتينية وأد كل أمل بُنى على هذا الأساس.

ثالث عشر- وعندما سقطت الخلافة العباسية انتقلت قاعدة العالم الإسلامى إلى غربى الفرات ووجد أصحاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015