شهرته بين أصحاب التواليف إلى قصيدتين تعليميتين، أو قل رسالتين من الشعر المنثور, تتناولا المسائل الآتية:
(1) قصيدة لامية عدتها ألف ومائة وثلاثة وسبعون بيتًا سماها "حرز الأمانى ووجه التهانى"، على أنها اشتهرت بالشاطبية نسبة إلى كاتبها. وقد نظم فى هذه القصيدة كتابًا فى الموضوع نفسه لعثمان بن سعيد أبى عمرو الدانى (المولود سنة 371 هـ المتوفى سنة 441 هـ) عنوانه "التيسير". ويقول ياقوت فى كتابه إرشاد الأريب إن شعر الشاطبى كان "عقدًا صعبًا لا يكاد يفهم"؛ ومن ثم فلا عجب أن كانت هذه القصيدة موضع شروح كثيرة. ويبدؤها الشاطبى بعد المقدمة بشرح الطريقة الصحيحة لقراءة الحروف متى تسكن، ومتى يجوز القصر أو المد، وكيف ينطق بالهمزة وخصوصًا إذا وردت فى الكلمة مرتين، ثم يلى ذلك أبواب فى التنوين والإمالة وغير ذلك حتى ينتهى إلى الأبواب التى تتناول القرآن الكريم مبينة القراءات المختلفة للقراء السبعة. وإنما يستطاع فهم تلك القوافى التى لا يكاد يستبين لها نهاية بالاستعانة بشرح من الشروح، أو بمقارنتها بكتب منثورة تعالج الموضوع نفسه.
وترجع الشهرة العظيمة التى أحرزتها هذه القصيدة إلى سببين: الأول أن الطالب أيسر عليه بحسب طريقة القدماء أن يحفظ الموضوع برمته عن ظهر قلب سواء فهمه أو لم يفهمه؛ والثانى، وهو يتفرع من الأول، أن هذه الطريقة تفسح المجال للمدرس لإظهار علمه بشرح الأبيات الغامضة. وتوجد القصيدة مخطوطة فى معظم دور الكتب العربية، ومنها نسخة مطبوعة (القاهرة 1328 هـ) تشتمل أيضًا على قصيدة الشاطبى الأخرى. أما شروح القصيدة التى نحن بصددها فكثيرة جدًا؛ وأفضلها فيما يقال هو شرح برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبرى المتوفى