كانوا سنيين متشددين، والحقيقة أن أصحاب هذه الطريقة كانوا إذا انكشف لهم شئ يخالف السنة أنكروه مراعاة لها. ومع ذلك فإن بعض ما قاله الشاذلية كان سببًا فى نقد ابن تيمية لهم، لكن اليافعى المؤرخ (جـ 4، ص 142) نقد أصحاب ابن تيمية.
وكانت الأمور الثلاثة التى يعتقد الشاذلية أنهم اختصوا بها هى:
(1) أنهم جميعًا مثبتون فى اللوح المحفوظ، أى أنهم منذ الأزل قد قدر لهم سلوك هذه الطريقة.
(2) أن سكر الفناء عندهم يعقبه الصحو، أى أن السكر لا يستمر معهم فيمنعهم من مزاولة أعمالهم فى الحياة.
(3) أن القطب فى كل العصور واحد منهم.
انتشار الطريقة: نظرًا لأنه لم تكن للطريقة زوايا فإن من العسير تتبع انتشار الطريقة. غير أنه يبدو مما لا شك فيه أن الجماعة الأولى من أتباع الطريقة تألفت فى تونس؛ لكن أبا العباس المرسى (المتوفى سنة 686 هـ) خليفة الشاذلى مكث بالإسكندرية ستًا وثلاثين سنة: "ما رأى وجه متوليها ولا أرسل إليه" (اللطائف جـ 1، ص 128)، لم يضع حجرًا على حجر. على أن على باشا مبارك (الخطط الجديدة جـ 7، ص 69) يذكر أن هناك مسجدًا باسمه (وقد أعيد بناؤه فى سنة 1189 هـ = 1775 - 1776 م)، ولا شك أن تلاميذه هم الذين شيدوه، كما يذكر مسجدًا آخر باسم تلميذه ياقوت العرشى (المتوفى سنة 707 هـ) ومسجدا ثالثًا باسم تلميذيهما معا وهو تاج الدين بن عطاء اللَّه الإسكندرى (المتوفى سنة 709 هـ ومؤلف اللطائف). والمسجد الأول يسمى باسم "الجامع" وكان مؤثثًا تأثيثا فخما، ويقام مولد لكل من الشيخين المذكورين أولًا. ويلاحظ على باشا أن المغاربة هم أكثر من يرتاد هذه المساجد كما يذكر أن للطريقة الشاذلية مسجد فى القاهرة، والأغلب أن أتباع الشاذلى كانوا دائمًا يوجدون فى غرب بلاد مصر. لكن هـ جيسب (Fifty-three Years in Syria: H. H. Jessup، لندن 1910 جـ 2، ص 537) يذكر أنهم كانوا فى أيامه كثيرين يعيشون فى سورية ويزعم أنهم كانوا يدعون إلى قراءة العهدين القديم