للقصة، إحداهما خاصة بالحجاز، والأخرى خاصة بالعراق، وقد قصد بابتداع رواية للقصة خاصة بالحجاز أن يلقى فى قلوب الناس أن الأصمعى قد جمع المعلومات التى اعتمد عليها فى كتابة القصة فى الحجاز من أفواه عنتر وأصحابه. وجعل الحجاز موطن القصة اختلاق محض. على أن العراق ربما يكون قد ساهم فى بناء القصة بنصيب كبير. ونذكر فيما يلى دلائل يستهدى بها فى معرفة التاريخ الذى نشأت فيه سيرة عنتر:

(1) محاورة دارت بين واهب ومسلم ذكر فيها الراهب مغامرات عنتر (عز وجلas Religionsgesprach von Jerusalem um 800 صلى الله عليه وسلم. عز وجل. aus dem صلى الله عليه وسلمrabischen ubersetst. Zeitschr. F.Kirchenges Chichte: von K, Vollers، جـ 29، ص 49).

(2) حوالى منتصف القرن الثانى عشر وصف اليهودى الذى أسلم السموأل بن يحيى المغربى حياته فقال إنه كان مشغوفًا فى شبابه بالقصص الطويلة مثل قصة عنتر (M.G.W.J، 1898 م, جـ 42, ص 127, 418).

(3) الشواهد الواردة فى السيرة نفسها، فإن ظهور بهمند، والجوفران (جودفرى صاحب بويون) -وربما يكون كذلك ظهور ملك الشحاذين تفور- ينقلنا إلى الفترة التالية للحروب الصليبية الأولى، أى فى السنين الأولى من منتصف القرن الثانى عشر الميلادى. ولا جدال إذن فى أن تواريخ عنتر قد بدئ فى تصنيفها فى القرن الثامن استنادًا إلى الشاهد الذى ذكرناه آنفًا عن المحاورة الدينية التى وقعت بين الراهب والمسلم. ويتبين من أقوال السموأل بن يحيى أن كتابًا كبيرًا عن عنتر كان موجودًا بالفعل فى منتصف القرن الثانى عشر؛ وإذا كان هذا الكتاب قد ذكر بهمند والجوفران فإنه يكون قد تم بلا شك فى أوائل هذا القرن. ولعل المداحين كانوا فى هذه الأثناء دائبين على الإضافة إليه وصبغه بصفة خاصة بالصبغة الإسلامية. أما تفسير قصة إبراهيم التى تعد زيادة لا تدخل فى صميم الموضوع، والروايات الخاصة بمحمد عليه الصلاة والسلام وعلّى، فإنها يمكن أن تنسب لأى عصر. ويمكن أن يعاد بناء قصة عنتر الأصلى على أساس لغوى راجح. وفى المجلد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015