سيرة عنتر فى ذلك تسمو كثيرًا على الصورة التى تتكشف لنا عن النظرة التى تنظر بها الملحمة المأثورة عن مسيحية القرون الوسطى إلى الإسلام.

الأدب الشعبى ونظائر القصة من الآثار الأدبية: يقل الأدب الشعبي فى سيرة عنتر إلى حد عجيب، ولكنها تشمل سمات عدة مشهودة، ففيها كهف للساحرات يأتين فيه بالأعاجيب، وشواهد من لطائف الكنايات، وفيها فأل وطيرة، ومعجزات الحياة. ويمكن أن نعد ما تتفق فيه مع الشعر القصصى الآخر من المسائل العادية التى لاكتها الملاحم كثيرًا؛ ومن ذلك قوة البطل وترعرعه، ومغامراته، وقتل سبع، والمعمرين (وطول العيش شائع فى سيرة عنتر شيوعه فى الشاهنامه) والأحلام، والرؤى، والنساء المسترجلات، والقتال بين الأب وابنه، وموضوع إخلاص العروس المأثور عن ملحمة كودرون Gudrun (?)، وموضوع الرجل الأبله. وفى السيرة أفكار منقولة قليلة مثل يوم سعد النعمان ويوم نحسه، وناقوس العدالة الخاص بكسرى (وهو موضوع مأخوذ من أسطورة الإمبراطور شارل والحية)؛ والطيران إلى السماء فى صندوق تحمله النسور, وروايات إفريقية عدة (وربما كانت مأخوذة من كتب جغرافية عن إفريقية). وثمة أيضًا صلات تربط السيرة بالأساطير الأوربية، فى العلامات العجيبة التى ظهرت عند مولد شارلمان (الواردة فى قصص ترين Turpin المزيف)، على أن ما ذكره تربن المزيف مأخوذ بلا شك من مصدر أقدم من ذلك؛ وكذلك الطيور الصناعية المتخذة من المعدن تغنى بالألحان المختلفة بفضل الأجراس وأنابيب النفخ قد وصفت فى الملاحم الفرنسية والألمانية كما وصفت فى سيرة عنتر. ولكننا نصادف فى هذا المقام عجيبة تاريخية هى المائدة المثلثة المذهبة فى القسطنطينية، وشيئًا على غرار ذلك فى طيسفون أيام الساسانيين، وكذلك فى قصبة التترخانية. وثمة وجوه من الاتفاق تستلفت النظر إلى حد عجيب؛ فالحارث الظالم يضرب صخرة بسيفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015