وإن كانت هذه القسة لن تخفى على أعين نقاد الحديث حين عرضوا هذه السيرة للنقد المنهجى. . بل لم تخف على آهل الأدب والشعر المرحين المتبسطين، حين عرضوا نقد عمل صاحب السيرة عند استشهاده به فيها. .

إننا نصغى! ! لهذه التوجيهات النفسية فى الفهم والتقدير، ونقدر سلامة هذه التوجيهات وأهميتها ونحاول أن نأخذ أنفسنا بها. . ثم نأخذ بها أصحابها. . فى مثل هذه التعليقات التى نرجو فيها الصبر والأناة.

أمين الخولى

سيرة عنتر

تعد قصة عنتر بحق مثالا لقصص الفروسية العربية، وتلم هذه السيرة بخمسمائة سنة من تاريخ العرب، وتشمل ذخيرة من الروايات القديمة. وهذه القصة التى ذكرها كتاب الأغانى عن خبر عنتر، وكيف أُلحق، وهو ابن أمَة، ببنى عبس جزاء له على إنقاذه لهم من محنة عظيمة ألمت بهم، تحمل طابع الرواية النامية وإن كانت قد اتسمت بالفعل بسمة الأساطير. على أن سيرة عنتر تسمو كثيرًا على الأسطورة تنمو فى عقل الناس الباطن، فقد رُفع هذا البطل الفرد، بقفزة جامعة من قفزات الخيال، إلى مقام جعله يمثل كل ما هو ئكربى، وأصبح عنتر الجاهلى بطلا من أبطال الإسلام وهكذا غدت القصة مرآة للتقلبات التى مر بها العرب والإسلام فى خمسمائة سنة فهى تصور ثارات القبائل العربية القديمة؛ وإخضاع الجزيرة العربية، وخاصة العراق، للسيطرة الفارسية؛ والانتصارات التى أحرزها الإسلام فى إبان ازدهاره على بلاد فارس؛ ومركز اليهود التاريخى المشهود حتى القرن السابع الميلادى؛ والبلاد التى اقتطعها الإسلام بالفتح من المسيحية، وخاصة فى الشام؛ والحروب المتصلة التى شنها الفرس ثم الشرق الإسلامى على الروم؛ وتقدم الإسلام الظافر فى شمالى إفريقية وفى أوربا. ولا ينكر منكر أيضًا أثر الحروب الصليبية فى هذه السيرة، التى تكثر فيها الشواهد على الصلات بين الشرق والغرب. وقد كتبت القصة بالشعر المنثور السهل ورصعت بعشرة آلاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015