ونذكر هنا فروع نهر الأردن: فهو بعيد خروجه من بحيرة طبرية يلتقى عن شماله بالجدول الهام "الشريعة الصغيرة" أو شريعة المناضرة الذى كان يسمى قديمًا اليرموك، ثم يلتقى أبعد من ذلك جنوباً بنهر الزرقاء (كان يعرف قديمًا باسم يبق) الذى يصب فى الأردن عند الدامية. ويلتقى عن يمينه بنهر جالوت الذى ينبع من عين جالوت ويمر ببيسان وينتهى بالأردن.
ولا يصلح نهر الأردن للملاحة بسبب تياراته وتعدد منعرجاته وكثرة المناطق الضحلة المياه فيه. على أن جملة من هذه المناطق الضحلة كانت حتى فى العصور القديمة مخاضات تصل بين الأراضى الواقعة شرقيه والأراضى الواقعة إلى الغرب منه. فكانت بذلك تصل بين شاطئ البحر المتوسط ومصر من جهة ودمشق من جهة أخرى. وتوجد إلى الشمال من بحيرة طبرية خمس مخاضات وإلى الجنوب منها أربع وخمسون مخاضة، وهى تكثر إلى أقصى حد قبالة بيسان وتذكر هذه المخاضات فى "العهد القديم" "معبر" أو "معبرة" ولسنا نعرف على سبيل الجزم هل اتخذ بنو إسرائيل المعديات لعبورها أم لا، وعلى كل حال فإن هذا لم يثبت بالنص الغامض الوارد فى سفر صموئيل الثانى (الإصحاح 19، الآية 19). ومن جهة أخرى فإنه من العسير أن تتصور كيف استطاع بنو إسرائيل فى قتالهم مع الآراميين فى الأراضى التى كانت شرق الأردن أن يعبروا بجنودهم وخيولهم وعرباتهم (سفر الملوك الأول، الإصحاح 22، الآية 35) نهر الأردن عن طريق هذه المخاضات، أما كيف فعلوا ذلك (ترى أبا أرماث؟ ) فإننا لم نخبر. وقد كان من الممكن إذا اقتضت الضرورة أن يعبروا النهر سباحة (سفر المكابيم الأول، الإصحاح 9، الآية 48) ولكن السباحة فى هذا النهر تحتاج إلى مهارة وبأس لشدة تياره. ومن المحقق أنه لم تكن هناك جسور فى ذلك الوقت لأنه لم يبدأ فى تشييدها إلا فى عهد الروم: وللمخاضة الواقعة إلى الجنوب بقليل