وقد جهز التجار، الجعليون والدناقلة والترك بل الأوربيون، سفنا يسيرها جنود مرتزقة وتحصنوا فى مراكز تجارية (دِيم أو زَريبَة) ومنها أخذوا يحكمون بالفعل البلاد المجاورة. وكان من أعلام هؤلاء المغامرين زبير رحمه، وهو جَعْلى فرض سيادته على منطقة بحر الغزال وانتهى به الأمر إلى غزو مملكة دارفور القديمة سنة 1874.
وما إن حل هذا الوقت حتى وجدت الحكومة ألا مناص لها من فرض سلطانها على تلك الأصقاع التى تركت إلى ذلك الحين مرتعًا لنشاط هؤلاء التجار المتمردين. وأصبح الخراب الذى حل بالبلاد والعسف الذى نزل بالأهالى فى غير ما شفقة أو رحمة واسترقاق العدد الكبير منهم، فضيحة عامة لم تستطع السلطات المصرية حيالها أن تظل مكتوفة الأيدى. لذلك عهد الخديو إسماعيل باشا سنة 1869 إلى السير صمويل بيكر Samuel رضي الله عنهaker بإنشاء مراكز إدارية فى إقليم خط الاستواء وقمع نشاط تجار الرقيق. وامتد سلطان المصريين فى مدة خدمته إلى أونيورو Unyoro وأوغندة؛ على أنه لم يفعل إلا القليل لمواجهة تجارة الرقيق بسبب العراقيل التى كانت تضعها السلطات فى الخرطوم. وقد خلفه سنة 1870 الكولونيل (الجنرال فيما بعد) غوردون G.G.Gordon الذى عين حاكما عامًا على إقليم خط الاستواء مع تخويله السلطة العليا من فاشودة إلى البحيرات الكبرى. وقد أعلن فى ذلك الوقت أن الاحتفاظ بالقوات العسكرية الخاصة أمر مخالف للقانون، وأغلقت مراكز تجارة الرقيق. ووضع غوردون بمعاونة مساعدين أوربيين وأمريكيين أسس الإدارة المنظمة، ثم عُين سنة 1877 حاكمًا عامًا على السودان كله، وظل فى هذا المنصب حتى عام 1879 على أن جهوده التى لم تعرف الكلل فى سبيل إصلاح الإدارة قد عرقلها ما قام من فتن فى دارفور وما وقع من اشتباكات حربية مع الحبشة.
ونشأ عن إدارة شمالى السودان على يد حكامه من الترك والمصريين