وسواكن مستعمرة قديمة وإن كان الميناء غير ذى شأن، ولا يمكن دخوله إلا نهارًا بسبب ضيق المجاز والشواطئ المرجانية؛ ويقال، وربما كان هذا الذى يقال هو الحق، إن مدينة Oppidum Succhae التى ذكرها بليناس كانت تقوم فى هذا الموضع؛ وكانت الناحية فى القرون الوسطى من أملاك البجة الذين تنتمى إليهم قبائل الهدندوة والعبابدة والبشارية الحديثة؛ وكان من أثر الصلات القديمة التى قامت بين أهل مكة وسكان ساحل البحر الأحمر فى إفريقية الغربية أن استقر التجار العرب فى سواكن وتصاهروا مع البجة. وقد مكنت سنن البجة التى تقوم على سيادة الأم المولدّين من بلوغ مناصب لها شأنها، ووجد ابن بطوطة فى سواكن سنة 1330 م ابن أمير مكة على رأس البجة، وكانت الطبقات العليا من السكان تدين بالإسلام، ويسميهم المقريزى "الحدارب"، وكان ميناء عيذاب، التى تقع على مبعدة من سواكن صوب الشمال، منافسًا خطيرًا لها فى تلك الأيام، ويقول بنت Th.رضي الله عنهent إن عيذاب هى "سواكن القديمة" المعروفة اليوم, وهى على مسيرة 12 ميلا شمالى حلايب، وكان للميناء، وهو الآن خرائب وأطلال، شأن عظيم بين سنتى 450 و 760 هـ، فقد كان مرسى السلع الواردة من الهند وبلاد العرب ومكانًا يلتقى فيه تجار اليمن، كما كان يلتقى فيه الحجاج المصريون والإفريقيون الذين كانوا يقلعون منه إلى جدة؛ وقد كانت سواكن أيضا، وهى على مسيرة سبعة أيام جنوبًا، مرسى للسفن القادمة من جدّة، ومن ثم فلاشك أنه قد قام بين المدينتين تنافس شديد كتب فيه النصر لسواكن آخر الأمر. وقد ظل الهمدانى (المتوفى سنة 945 هـ) يعتبرها فى الحبش الوسطى؛ واحتل الأتراك الميناء فى عهد سليم الأول، وكانت تابعة لباشا جدة الذى حكمها عن طريق أحد الأغوات حتى سنة 1865 حين أخذتها مصر من تركية بالتنازل أو بالشراء. وأصاب العهد المهدوى (1883 - 1898 م) سواكن بضربة قاسية، ذلك أن التجارة انقطعت فيها تماما بسبب إغلاق طريق القوافل الهام من سواكن إلى بربر؛ ووضعت سواكن بمقتضى معاهدة 16 يوليو سنة 1899, التى عقدت بين إنجلترا ومصر