وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (سورة البقرة، الآية 129، والآيات المماثلة).
ويتضح من ذلك أن السنة فى الإسلام قد أصبحت نبراسا للسلوك إلى جانب القرآن الكريم، وأن فقهاء الإسلام قد سعوا إلى إلتماس الجواب عن مسألة الصلة المتبادلة بين القرآن والسنة، ونوقشت هذه المسألة أيضا فى الأحاديث، فبدا القرآن والسنة فى أول الأمر متساويين فى الحجية. فقد قال خالد بن أسيد لعبد اللَّه بن عمر: "إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف فى القرآن، ولا نجد صلاة السفر فى القرآن، فقال له ابن عمر: ابن أخى! إن اللَّه عز وجل بعث إلينا محمدا: صلى اللَّه عليه وسلم ولا نعلم شيئا، فإنما نفعل كما رأينا محمدا صلى اللَّه عليه وسلم يفعل" (أحمد بن حنبل جـ 2، ص 94). وهناك حديث آخر أكثر من هذا تحديدا: "ألا وإن ما حرم رسول اللَّه فهو مثل ما حرم اللَّه" (الدارمى، المقدمة، باب 48). وذهب البعض إلى القول بأن السنة أيضا موحى بها: "كان جبريل ينزل على النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن (الدارمى. المقدمة، باب 48). بل ذهب المسلمون إلى أبعد من ذلك فقالوا: "السنة قاضية على القرآن وليس القرآن بقاض على السنة" (?).
وقد نوقشت مسألة الصلة بين القرآن والسنة بإفاضة فى كتب الأصول. فالشافعى فى كتابه الرسالة يقول إن فى القرآن أوامر لم تحدد صيغتها العامة إلا فى السنة، مثال ذلك عقاب السارق كما عوقب فى القرآن (سورة المائدة، الآية 42) (?) ففى الحديث أن الحد لا يقام إذا كانت السرقة