هزم فيها أمير المرية وحليفه القديم زهير ولقى زهير حتفه فى المعركة التى جرت فى ممر ألفنت (429 هـ) وقد شجع هذا النصر باديس بن حبوس، كما شجعته انتصاراته الأخرى التى فاز فيها دون مشقة على جنود أميرى بلنسية وإشبيلية على أن ينفض عن كاهله سلطان الخليفة الحمودى القليل الشأن فى مالقة (وكان هذا السطان فى أحسن حالاته لا يتعدى الاسم دون الفعل) وضم أراضيه إلى ملكه (عام 450 هـ = 1059 م) وقد تميزت السنوات التالية بالسياسة المناهضة للبربر التى انتهجها ملك إشبيلية العربى المعتضد ابن عباد الذى أفلح فى ضم الدويلات البربرية رندة وشريش وأركش. وقد ترتب على ذلك أن قوى سلطان العرب فى الأندلس كثيرًا؛ ولم يبق للبربر كتلة قوية تناهض هؤلاء إلا بنو زيرى من قبيلة صنهاجة أصحاب غرناطة، ومن ثم لم يكن بد من أن ينزعج باديس لهذا المتقدم الذى أصابته مملكة عبّاد فى شرق الأندلس، ولما بدا فى نفس الوقت من علامات السخط التى أخذت تستبين شيئًا فشيئًا بين رعاياه هو من العرب، فشهر الحرب على أشبيلية فى هذه الظروف المشئومة ضاربًا عرض الحائط بنصح الوزير صمويل. وكان قد استبقاه عند اعتلائه العرش، ودارت الدائرة عليه فى هذه الحرب، على أنه استطاع لحسن حظه أن يوقف تقدم الجيش الذى كان يتقدم صوب مالقة بقيادة الأمير المعتمد.

وتوفى الوزير صمويل فخلفه ابنه يوسف، وغدا وزير باديس الأول، ولم يكن الوزير الجديد على شاكلة أبيه، فجلب على نفسه سخط العرب فى مملكة بنى زيرى، ونقمة البربر أنفسهم بسبب إسرافه ومظاهر الترف التى كانت يحيط بها نفسه والنعم التى كان يغدقها على إخوانه فى الدين. وفى بعض الروايات فإن أطماعه قد ازدادت حتى عمد إلى دس السم لبلقين بن باديس ووارثه الشرعى، ثم برأ نفسه أمام سيده، وفكر فى وقت من الأوقات فى إقامة دولة يهودية فى الأندلس مستهدفًا تحقيق أطماعه الخاصة. وكان يوسف متصلا فى السر بابن صمادح أمير المرية، وقد عرض عليه أن يسلمه غرناطة على شرط أن تصبح المريَّة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015