حين وفاته المبكرة؛ وكان زيدان جم النشاط عارمه، ولم يقتصر ذلك على كتابة جل مقالات هذه المجلة (وأعاد ولداه نشر أهمها فى ثلاثة أجزاء باسم "المختارات" 1919 - 1921، وجمع هو نفسه مقالات تتعلق بالسير ونشرها فى جزءين 1902 - 1923، الطبعة الثانية 1910 الطبعة الثالثة 1922) بل كان زيدان يكتب فى كل عام رواية جديدة، ويصدر مجلدًا ذا صبغة تعليمية شعبية؛ وأضحى "الهلال" أوسع المجلات العربية انتشارًا، واشتهر اسم زيدان بوصفه روائيًا ومؤرخًا لا فى الأمم التى تتكلم العربية فحسب بل فى الشرق الإسلامى بأسره.

وتعالج جل رواياته (17 من 22) صدر التاريخ الإسلامى من الفتح العربى إلى دولة المماليك (القرن الثالث عشر)؛ وكان مسرح ثلاث روايات أخرى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ومشهد رواية رابعة فى مصر فى العقد الأخير من القرن التاسع عشر وفى أيام الثورة التركية؛ وقد طبع بعض هذه الروايات عدة طبعات (بلغت أربعًا)؛ وترجمت كل هذه الروايات تقريبًا إلى الفارسية والتركية والهندستانية والأذربيجانية، وترجم بعضها إلى اللغات الشرقية الأخرى وإلى اللغات الأوربية (عدا ترجمة تيلو Thiln، انظر مثلا ترجمة رواية "العباسة أخت الرشيد" مع مقدمة لكلود فارير، Claude Farrere، باريس 1912 و"اللَّه ساهر"، باريس 1924)؛ وتنحصر الأهمية الكبرى لهذه المصنفات فى أنها بسّطت التاريخ، وقد كتبت بأسلوب سهل سلس طبعها بطابع شائق طلى، بيد أن هذه الروايات لا تروق كثيرًا فى نظر الذوق الأدبى الأوربى، ذلك أن أسلوب إنشائها عتيق وعاطفى بعض الشئ.

وكتابه "تاريخ التمدن الإسلامى" (5 أجزاء 1902 - 1906) هو أهم مصنفاته التاريخية جميعا وقد بناه على المصنفات الأوربية المشهورة التى وضعها سديو Sedillot وكريمر Kremer وجولدسيهر Goldzihei وغيرهم، وقد أضاف إليه كثيرًا من المعلومات استقاها من المصادر العربية، وأكمله بما يعرفه عن الحياة الحديثة فى الشرق؛ وكان كتابه هذا عملا جليلا من الطراز الأول فى نظر البلاد الإسلامية، ولذلك كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015