وكان يعاونه فى ذلك شخص يدعى رشيدًا القرماطى (ولعله يتصل بدعوة القرامطة التى كانت فى ذلك الوقت قد ظهرت وشيكا) وطحان وبائع شراب. وكان عبيده الأبّاق يؤدون له يمين الطاعة بالحلف بالطلاق على الطريقة القرمطية ورفع على بن محمد راية العصيان فى السابع من رمضان عام 225 هـ (868 م) وتلا الآية القرآنية المعروفة باسم الشراة (سورة التوبة، الآية 112) (?) ونذر نفسه للجهاد بحد السيف (خروجا غضبا باللَّه).
ومن المؤسف أن المصادر التى بين أيدينا لا تذكر إلا تفاصيل قليلة عن نظام حكومته التى كانت على النمط الشيعى. وتكاد هذه المصادر تقتصر على ذكر مجريات الحرب التى شنها الأمير العباسى الموفق على الزنج دون رحمة. وقد خرج الزنج من جُبّاء وقسم زعيمهم جيشه المسلح بالمقاليع قسمين:
1 - الزنج بالمعنى الأخص لهذا اللفظ.
2 - الفراتية والقرماطية والنوبة. وكان يشد من أزره قبيلة بنو تميم العربية وأسطول استولى على الأبّلة ثم على عبادان ثم على الأهواز الجنوبية ثم على مدينة البصرة العظيمة وتقدم فى سيره حتى بلغ واسط (264 هـ = 877 م) وجبل والنعمانية وجرجرائية ورامهرمز. ولما شعر الوالى بالخطر الجسيم الذى يتهدده حشد قواه جميعا وتأهب للكرّ ثانية. ولم يخلص من هذا القتال إلا بعد ثلاث سنوات. فقد اخترق أولا الأسيجة الخمسة لمعسكر منيعة ثم حاصر مراكز قيادة الزنج فى مختاره (268 هـ = 881 م) على قناة أبى الخصيب جنوبى البصرة، ولكنها لم تستسلم إلا عام 269 هـ (882 م) وقتل البرقعى فى الثانى من شهر صفر عام 270 (883 م). وهكذا أخمدت هذه الفتنة بقسوة بالغة، وعاد الذين كانوا قد ركنوا إلى الفرار منهم وأعيد النظام القديم إلى ما كان عليه.