خسرو (?) المتوفى حوالى سنة 452 هـ = 1060 م رأى الإيرانشهرى مع شئ من التقريظ، ويقول إن محمد بن زكريا الرازى الطبيب المتوفى بين 311، 320 = 923 - 932، أخذ هذا الرأى وعبَّر عنه بعبارات إلحادية موحشة، ومهما يكن من شئ فإن الرازى يعتبر أن الزمان أحد المبادئ الخمسة القديمة، كما ذكر صاحب هذا المقال الذى نعلق عليه، غير أنه يميز بين شيئين: ما يسمى "الزمان المطلق" وما يسمى الزمان المحصور (?) والأول لشئ "متحرك غير لابث" وهو قديم ولا نهاية له، ودائم الجريان، ويسميه الرازى المدة، والدهر، والأبد، والسرمد؛ والثانى وهو يسمى أيضا "الزمان المضاف" أي النسبى المحدود وهو يمكن أن يحسب ويعد. وينقسم بحسب حركات الفلك وطلوع الشمس وغروبها وجريان الكواكب ومر الأيام ووقوع الحوادث، وهو يقابل على نحو ما، معنى الزمان عند أرسطو. ولا يريد الرازى أن يعتمد فى إثبات رأيه هذا فى الزمان، وفى المكان أيضا إلا على العقل السليم عند عامة الناس الذين لم يفسد اللجاج والجدل من بديهة نفوسهم، فهم يقولون: تشهد عقولنا بأن ثم فضاء يحيط بالعالم، وبأنه حتى لو لم يكن هناك فلك يدور لأدركنا أن ثم شيئًا لا يزال يجرى علينا وهو الزمان (?).
وهنا ندرك تمامًا معنى ما يقوله البيرونى (?) عن الرازى من أنه "فرق بين الزمان وبين المدة بوقوع العدد على أحدهما دون الآخر، كما جعل الفلاسفة الزمان مدة لما له أول وآخر، والدهر مدة لما لا أول له ولا آخر" وهذا التمييز يرجع، كما أشار ذلك كاتب المقال الذى نعلق عليه، إلى التراث الأفلاطونى.
وإذن فالمدة أو الدهر، بمعنى الامتداد الزمانى الذى لا نهاية له، هو عند