+ أحمد بن حنبل، "إمام بغداد": متكلم وفقيه ومحدث مشهور (164 - 241 هـ = 780 - 855 م) ومن أعظم الشخصيات حيوية فى الإسلام؛ وقد أثر ابن حنبل فى التطور التاريخى للإسلام وفى نهضته الحديثة؛ وأسس أحد المذاهب السنية الأربعة الكبرى وهو المذهب الحنبلى، وكان عن طريق تلميذه ابن تيمية الجد الأول للوهابية، وقد أوحى أيضًا إلى حد ما بحركة الإصلاح المحافظة للسلفية.
1 - حياته: كان أحمد بن حنبل عربيا من بنى شيبان من ربيعة، وكان له دور فعال فى غزو العراق وخراسان، وقد نزحت أسرته، التى كانت تقيم أول الأمر فى البصرة، إلى مَرْو مع جده حنبل بن هلال والى سرخس فى عهد الأمويين وواحد من أوائل دعاة العباسيين.
ولد أحمد فى ربيع الثانى سنة 164 هـ (ديسمبر سنة 780 م) بعد أشهر قلائل من نزوح أبيه محمد بن حنبل -الذى كان منخرطًا فى جيش خراسان- إلى بغداد حيث توفى عقب ذلك بثلاث سنين. على أن أحمد ورث ملكًا قليلًا لأسرته أتاح له حياة متواضعة ولكنها تغنيه عن الناس.
وقد درس أحمد فقه اللغة والشريعة والحديث فى بغداد، ثم انصرف منذ عام 179 هـ (795 م) إلى دراسة الحديث؛ وفى طلبه جد مرتحلا إلى العراق والحجاز واليمن والشام؛ ويجب أن نطرح ما قيل من زيارته لإيران وخراسان بل إلى المغرب الأقصى، لأن ذلك يدخل فى باب الأساطير، وكان أحمد قد زار الكوفة سنة 183 هـ، وأقام فى البصرة أكثر من ذلك، فقد زارها أول مرة سنة 186 هـ، ثم عاد إليها سنة 190، وسنة 194 هـ، وسنة 200 هـ. وتردد على مكة أكثر، فقد أدى فريضه الحج خمس مرات: سنة 187، وسنة 191، وسنة 196، وسنة 197 هـ (وأعقبت حجه فى هذه السنة "جاورة" فى المدينة) وسنة 198 هـ وقد أعقبتها هذه المرة أيضًا (مجاورة) أخرى دخلت به فى سنة 199 هـ، ومن بعدها زار المحدث عبد الرزاق فى صنعاء (المناقب، ص 22 - 23؛ الترجمة، ص 13 - 24).