رومانيا) بين أطلال قرطاجنة. على أن زعماء المعلقة الأقوياء أيدوا سياسة بنى زيرى فى المهدية، وانضموا إليهم فى مناهضتهم للموحدين.
ولم تقف هذه المقاومة طويلا فى سبيل الحملات التى أنفدها المغاربة على إفريقية التى كان يسودها الاضطراب والفوضى، وقد حلت الهزيمة بالعرب على يد عبد المؤمن فى الأعوام 546، 555، 583 هـ (1152، 1160، 1187 م) فأمروا بالتوجه إلى الأندلس لمساعدة جيوش المسلمين على مواصلة الجهاد فى تلك البلاد، وقد خلف عبد المؤمن فريقا من رياح فى إفريقية تحت قيادة عساكر بن سلطان، وأخذ الباقى إلى المغرب مع زعيمهم مسعود أخى عساكر المعروف باسم البلط (انظر Supplement: عز وجلozy جـ 1، ص 111). وأنزلهم فى السهول المراكشية إلى الشمال من بورجراج. وكان هذا التحكم فى أمرهم لا يتمشى فى كثير مع تقاليد قبيلة رياح. ففر مسعود إلى إفريقية، وأيد فيها بنى غانية الذين كانوا يسعون إلى إحياء سلطان المرابطين تحقيقا لمصلحتهم الخاصة.
ونحن نعلم كيف أن القلاقل التى أثارها بنوغانية قد دفعت الخليفة الموحدى إلى أن يقيم أبا محمد الحفصى واليا على إفريقية وخوله سلطات واسعة. وكان من الطبيعى أن يهاجم هذا الوالى قبيلة رياح، وأراد أن يتخلص منهم فشجع عرب سُليم على الاستيطان فى البلاد، وكانوا إلى ذلك الوقت يقيمون فى طرابلس. واضطرت رياح التى كانت أهم أسرة فيها آنئذ هى الدواويدة، إلى النزوح إلى سهول قسنطينة تحت ضغط سليم، وأقاموا فيها من ذلك الحين.
وظل مركز رياح فى موطنهم الجديد على جانب كبير من القوة، إذ كانت لهم الكلمة المسموعة فى وسط إقليم قسنطينة بأسره، أى من ناحية قالمة Guelma إلى ناحية بجاية، وكانوا فى الزاب على صلات ببنى مزنى فى بسكرة الذين كانوا يحكمون هذا الإقليم الحفصى، وكانت هذه الصلات ودية حينا وعدائية أحيانا. وهذا يفسر لنا كيف أن بنى مزنى ألفوا أنفسهم مضطرين إلى مناهضة تلك الحركة العجيبة التى كانت حركة دينية