في شبابه الكيمياء. ولم ينصرف الرازي إلى الطب إلا في سن عالية. وقد خدم صاحب الرى وسرعان ما دبر مارستانها الجديد، ثم نجده بعد ذلك يدبر مارستان بغداد، ولا نعلم على وجه الدقة كم قضى من الزمن فيها.
وكان الرازي أشهر طبيب في زمانه، وهذا هو السبب في أنه كان ينتقل من بلاط إلى آخر. ولم ينعم بالاستقرار في حياته بالنظر إلى تقلب أهواء الأمراء واضطراب الأحوال السياسية على أيامه. وعاد الرازي إلى مسقط رأسه أكثر من مرة حيث توفى 313 هـ
الموافق 925 م (في رواية البيرونى، شعبان سنة 313) أو عام 323 هـ.
ونحن لا نعلم عن شيوخ الرازي أكثر مما نعلم عن حياته. ويقول كثير من أصحاب التراجم العرب إنه درس الطب على عليَّ بن ربَن الطبرى، وهذا القول مستحيل من حيث التسلسل التاريخى. ويذكر صاحب الفهرست أنَّه تتلمذ في الفلسفة على رجل يلقب بالبلخى (وهو غير الجغرافى أبو زيد البلخي)، ويقال إن الرازي قد أخذ عنه بعض الآراء الفلسفية. ويذكر ناصر خسرو هذا القول نفسه عن فيلسوف معتزل ذى اسم عجيب هو إيرانشهرى (زاد المسافرين، ص 73، 98، وانظر أيضًا كتاب الهند للبيرونى، ص 4، 326؛ البيرونى: كتاب الآثار الباقية، ص 222، 522) ومن المرجح أن ناصر خسرو والبيرونى قد قصدا بذلك شخصًا واحدًا. وقد كان للرازى أثر كبير في غيره، ومع ذلك فنحن لا نعلم شيئًا عن تلاميذه. ويقال إن يحيى بن عدى، أحد المشائين اليعاقبة وتلميذ الفارابى، قد درس الفلسفة على الرازي (انظر المسعودى: كتاب التنبيه والإشراف) وقد تحدث كاتب من المتأخرين (الهجويرى: كشف المحجوب، ترجمة نيكلسون، ص 150) عن علاقات كانت قائمة بين الرازي والصوفى الحلاج. وإنما تركت آراء الرازي الفلسفية أعمق الأثر في بيئات الشيعة، فقد نقل عنه أبو إسحق إبراهيم ابن نوبخت الفقيه الاثنا عشرى مذهبه في اللذة، وذلك في مؤلفه "كتاب الياقوت". وقد حاول أبو حاتم الرازي المتوفى سنة 322 هـ (926 م)