الهجرة قد اعتمدت هذه الطريقة في التصنيف الصورى لدى التسترى، ولدى صوفية بغداد، ثم استكملها وعدلها كل من الواسطي والسراج والقشيرى والغزالى (?).
ولكى يتضح مبلغ ما أفادته الحياة الروحية الاسلامية من ترتيب ذى النون للأحوال والمقامات، ومدى ما تنطوى عليه هذه المقامات وذلك الأحوال من المعانى النفسية والأخلاقية التي اتشحت كلها بوشاح صوفى، يحسن أن نعدد بعض ما أورده ذو النون في هذه الناحية الهامة من نواحى الحياة الروحية، بل التي تعد أساسًا يقوم عليه صرح كل حياة روحية: فالمحبة واليقين
والثقة بالله والشكر والرضى والأنس وحسن الظن بالله والشوق والخوف والإخلاص والكمال والتوكل والصبر والحكمة والزهد والعبادة والتواضع والسخاء وحسن الخلق والرحمة للخلق والاستغناء بالله والحياء والمعرفة والتسليم والإسلام والإيمان والحلم
والتقوى والرجاء والحب في الله والصدق والانقطاع إلى الله والمروءة والتودد والرشد والسعادة (?) كل أولئك وكثير غيره أحوال تختلف على النفس الإنسانية ومقامات تنتقل بينها هذه النفس في طريقها إلى الله، وإن ذا النون ليعرض لكل منها معرفًا به ومحللًا لعناصره ومبينًا لحقائقه ودقائقه ومشيرًا إلى ماله من أثر في تصفية النفس وتنقية القلب، فيتحدث عن هذا المقام أو ذاك، وعن هذا الحال أو ذاك، اعتمادا على علاماته أو دلالاته تارة، أو استنادا إلى أعلامه أو أعماله تارة أخرى، وكل ذلك على وجه يجعل من الأحوال والمقامات موضوعا لكن من علمي النفس والأخلاق بقدر ما هي موضوع رئيسى للتصوف ودعامة
قوية لما ينبغي أن يحياه المتصوف من حياة روحية قوامها الإقبال على الله وغايتها الظفر بالقرب من الله.
ولكى يتبين لنا هذا كله في وضوح وجلاء، يحسن أن نقف مع ذى النون عند بعض الأحوال والمقامات، وذلك على