الخواص وغيرهم. وروى عنه الحسن ابن مصعب النخعي وأحمد بن صبح الفيومى والطائى وغيرهم (?)؛ وهو يعد فوق هذا كله في جملة من روى الموطأ عن الإمام مالك (?) " فكل أولئك كان خليقًا أن يجعل من ذى النون عالمًا عاملا سواء من الناحيتين الشرعية والتصوفية، أو مفتيًا في العلوم على حد قول مسلمة بن قاسم (?). على أن الأحاديث التي رواها ذو النون لم تكن
دائمًا موضع ثقة الذين أشاروا إليه أو تحدثوا عنه: فمن ذلك ما قاله الجوزقانى من أن ذا النون كان زاهدًا عالمًا ضعيف الحديث، وما قاله الدارقطنى من أنَّه روى عن مالك الأحاديث فيها نظر (?).
على أن ذا النون، وإن كان عالمًا بالحديث وراويًا له، فهو لم يشتغل به إلى الحد الَّذي جعل منه شغله الشاغل؛ بل لم يلبث أن انصرف عنه إلى الاشتغال بنفسه. وليس أدل على ذلك من أنَّه سئل لم لا يشتغل بالحديث، فأجاب بقوله: "للحديث رجال، وشغلى بنفسى استغرق وقتى (?) ".
ولذى النون رأى في الحديث وأهله، وفى الفقه وأربابه: فهو يرى أن الحديث من أركان الدين، وأنه لولا نقص دخل على أهل الحديث والفقه لكانوا أفضل الناس في زمانهم: فهم عنده قد بذلوا علمهم لأهل الدنيا يستجلبون به دنياهم، فحجبوهم واستكبروا عليهم، وافتتنوا بالدنيا لما رأوا حرص أهل العلم والمتفقهين عليها، فخانوا الله ورسوله، وصار إثم من تبعهم في
عنقهم جعلوا العلم فخًا للدنيا، وسلاحًا يكسبونها به، بعد أن كان سراجًا للدين يستضاء به (?). وأعجب ما كان يعجب له ذو النون هو من هؤلاء العلماء إذ يخضعون للمخلوقين دون الخالق، وهم يدعون أنهم أعلى درجة من جميع الخلائق (?). وأكبر الظن أن يكون ما رآه ذو النون في أهل الحديث والفقه وما