من جهة، كما كان رجال الدولة يناهضون المتصوفة الذين ينازعونهم السيادة من جهة أخرى، ويفسر لنا هذا ما يروى من أنهم تآمروا مرتين على قتل خليفة البدوى (ابن إياس، ج 2، ص 61، س 15 - 16؛ جـ 3، ص 78، س 14)، ومن العلماء الذين عادوا أحمد فى بداية أمره والذين أصبحوا فيما بعد من أتباعه: ابن دقيق العيد المتوفى عام 702 هـ (1302 - 1303 م) وابن اللبان المتوفى عام 739 هـ (1338 - 1339 م) ويروى أنه حدث فى عهد خليفتيه الأولين اختلاف بين أتباع البدوى. فنحن نقرأ فى حوادث عام 850 هـ (1446 - 1447 م) أنه قد أعيد الاحتفال بمولد أحمد بعد أن أهمل (ابن إياس، جـ 2، ص 30، س 5).
وكان السلطان قايتباى من مقدرى أحمد المتحمسين، وقد زار قبره عام 888 هـ (1483 م)، ثم وسع مقامه فيما بعد (ابن إياس، جـ 2، ص 217، س 7؛ ص 301، س 15)، وكان خلفاء البدوى يسيرون فى موكب سلاطين المماليك الدينية جنبًا إلى جنب مع كبار علماء الدين فى الدولة. أما فى عهد الحكم العثمانى فيظهر أن الاحتفال بالبدوى قد فقد روعة مظاهره لأنها لم تكن تتفق مع الأنظمة الصارمة التى وضعها الأتراك؛ ولكن هذه النظرة السياسية لم تستطع أن تحول دون تقدير المصريين له، فهو أكبر أولياء مصر ومفرج كل الكروب منذ عهد طويل. ويذكر من كراماته تحريره لأسرى المسلمين من أيدى النصارى ومن ثم سمى "مجيب الأسارى من بلاد النصارى" ويحتفل فى مصر بمولده ما لا يقل عن ثلاث مرات كل عام على الأقل تستلفت تواريخها نظر الباحثين فى تاريخ الأديان، فمن الواضح أن هذه الموالد تجرى وفقًا للتقويم القبطى أو بصفة عامة وفقًا للسنة الشمسية؛ فالمولد الكبير يحدث فى مسرى (أغسطس) والوسيط، ويسمى كذلك مولد "الشرنبلالى" فى برمودة (مارس - أبريل) والأصغر، ويسمى أيضًا مولد "الرجبى" أو"لف العمامة" فى أمشير (فبراير). وواضح أن موافقة وفاته عام 675 هـ لتاريخ مولد النبى [- صلى الله عليه وسلم -] من جهة، وحدوثها فى شهر أغسطس من