فى مكة أيضًا بـ "الغضبان" كما قيل له "مهارش الحرب" و"أبو العباس" وربما كان هذا الاسم الأخير محرفًا عن أبى الفتيان. ودعاه الناس لصوفيته بـ "القدسى" و"القطب" و"الصامت" كما دعى فى عصر متأخر بـ "أبى فراج" (انظر ما سيأتى بعد عن مغزى هذا اللقب).
وقد حج بيت الله مع أسرته وهو بعد طفل واستغرقت رحلة الحج أربعة أعوام يجعلها الرواة بين عامى 603 و 607 هـ (1206 و 1211 م)؛ وذكرت الروايات استقبال البدو الحافل لهذه الأسرة، أما مصر فلم تذكر عنها شيئًا. وتوفى أبوه بمكة، ودفن بالقرب من باب المعلاة، ولما شب أحمد امتاز بالفروسية والفتوة ومن ثم لقب بالعطاب وأبى الفتيان. ولاشك أنه حدث له حوالى عام 627 هـ (1230 م) ما غير مجرى حياته، فقد قرأ القرآن بالأحرف السبعة، ودرس قليلًا من الفقه الشافعي، وعكف على العبادة ولم يقبل عرضًا قدم له بالزواج، وجاء عن هذا الموضوع فى مخطوط برلين (رقم 10104، ورقة رقم 19 ب) ما معناه أنه قد كتب له ألا يتزوج إلا من الحور العين. واعتزل الناس وعاش فى صمت لا يفصح عما يجول فى نفسه إلا بالإشارة، وأصبحت تغشاه حالة "الوله" فى كثير من الأحيان، وتذكر بعض المصادر أن رحلته إلى مكة لم تكن إلا نتيجة رؤيا رآها بينما تذكر، مصادر أخرى ثلاث رؤى متعاقبات جعلته يرحل (شوال 633 هـ - يونيو - يولية 1236 م) إلى العراق حيث كان أحمد الرفاعى المتوفى عام 570 هـ (1174 - 1175 م) وعبد القادر الجيلانى المتوفى عام 561 هـ (1165 - 1166 م) موضع تقدير الناس الذين ظلوا جيلين يعدونهما أعظم أولياء الله، فهاجر أحمد مع أخيه الأكبر حسن إلى العراق. وقد غدت الروايات التى تتحدث عنه منذ هذه الهجرة مليئة بالمبالغات قليلة الوضوح. وزار الأخوان غير قبرى القطبين المذكورين قبور غيرهما من الأولياء، نذكر منهم: الحلاج المتوفى عام 309 هـ (921 - 922 م) وعدى ابن مسافر الهكارى أبا الفضائل المتوفى عام 558 هـ (1163 - 1163 م). وقد