عبّادان عند مدخل هذا النهر، وكان عندها منارات تنار ليلا لإرشاد السفن.
والظاهر أن هذه المدينة قد فقدت منذ القرن الرابع عشر أهميتها تمامًا بصفتها ثغرا من الثغور بسبب امتداد الشاطئ. ومن الطبيعى أن يكون مجمل وصف مجرى دجلة، وفقًا لروايات جغرافي العرب في العصور الوسطى، مجرد ذكر للحقائق الرئيسية. وقد وردت إشارات عدة إلى التغيرات غير المشكوك فيها التي طرأت على مجرى النهر وإلى التواريخ التي يظن أنها أحدثت فيها. وليس من المستطاع ذكر تفاصيل هذه التغيرات على التحقيق.
ومازال التاريخ الذي اتجه فيه المجرى الرئيسى لدجلة ناحية الشرق بعد بلوغه كوت العمارة من المسائل المطروحة للبحث. ويعتقد شترك streck (كتابه المذكور، ص 312) أن بداية ذلك كانت لا محالة في آخر عهد الخلافة العباسية، ونحن لا نعرف أيضا إلا النزر اليسير من تفاصيل نمو دلتا شط العرب، وهي التي يقوم أمام مصبها عند فآو شط غرينى يعرقل حركة الملاحة.
ومن الواضح أن دجلة كانت منذ أقدم الأزمنة على جانب كبير من الأهمية بصفتها طريقا للتجارة وموردًا تستقى منه سهول بابل. ولا تزال حركة الملاحة جارية في النهر أسفل دياربكر بواسطة تلك الرموس العجيبة المأثورة تدعمها قرب منفوخة نجد رسوما لها محفورة على الآثار الأشورية.
وكانت البواخر الإنجليزية والبواخر التركية منذ عهد مدحت باشا تتردد بين بغداد والبصرة التي أصبحت من القرن الثالث عشر [الميلادى] (؟ ) على شط العرب مباشرة وكانت بمثابة الحد الذي تنتهي عنده الملاحة البحرية، وكثيرا ما وضعت في القرن الماضى المقترحات لإعادة شبكة الرى القديمة التي تخربت الآن تماما، وقد تعدت هذه المقترحات الآن مراحلها التمهيدية بفضل نشاط ويلكوكش الذي لا يكل غير أن تنفيذ هذا المشروع الضخم تعترضه على ما يظهر صعاب لا يمكن التغلب عليها؟