حتى يعود الحرث إلى ما كان عليه بقيام أصحاب الغنم عليه، وبعد هذا يعود كل ملك -من الغنم والحرث- لأهله.

2 - والأمر الآخر هو ما قصه الله في آيات من سورة "ص" خاصا بتحاكم خصمين إليه في أن أحدهما وله تسع وتسعون نعجة أراد أخذ النعجة الواحدة التي يملكها خصمه، فحكم فور سماعه القصة بظلم الأول، ثم تبين له أن هذه القصة جعلها الله تنبيها له على خطأ وقع منه. وهنا يذكر المفسرون من الأقوال الصحيحة أن خطأ داود وذنبه الذي قارفه هو أن عجل بالحكم قبل سماع الخصم المدعى عليه، ونري أن هذا معنى حسن وتحتمله الآيات. وفي رأى آخر أن الأمر يتعلق حقا بامرأة هي زوجة لأحد جند داود، وقد تمنى داود أن تكون له، فنبهه الله إلى أن من الواجب أن يقنع بما عنده من النساء، وحينئذ عرف أن الله ابتلاه فاستغفره وأناب إليه. هذا المعنى أو ذاك هو ما يجب أن نفسر به ما جاء في القرآن عن القصة (راجع مثلا تفسير البيضاوي).

ومن الافتراء على الله أن نصدق ما يرويه القصاص، تابعين فيما يروونه للتوراة التي بأيدينا، من أن داود أرسل هذا الجندى للحرب، وعمل على أن يقتل فيها، ولما قتل تزوج امرأته؛ هذا افتراء وبهتان عظيم يستحق صاحبه الذي يرويه الحد مضاعفا، ولهذا قال على رضى الله عنه: "من حدث بحديث داود على ما يرويه القصاص، جلدته مائة وستين"؛ لأنه قذف، وقذف لنبى بالباطل. وما كان لنبى آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب، وأعد له عنده زلفي وحسن مآب، أن يكون فاسقا قاتلا! ولعلنا لا نبعد عن الحق إن أخذنا من رواية التوراة التي بأيدينا لهذه الناحية من أمر داود على هذا الوجه الظالم، دليلا آخر على ما أصابها من تحريف.

وأخيرا، نذكر آية البقرة وآية المائدة اللتين يشير كاتب المادة إليهما لبيان أن الله عاقب الخارجين على سنن بنى إسرائيل بمسخهم قردة، هما: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (المائدة 78)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015