الرسل عما قد يصيبه من أذى وعنت من قومه في سبيل تحقيق رسالته وإذاعتها.

ومصدر الوحى في القرآن، وغيره من الكتب السماوية التي سبقته، واحد، وهو الله جل وعلا؛ هذه الكتب التي جاء كل منها مناسبا للبشرية في عهده، حتى جاء محمد [- صلى الله عليه وسلم -]، فكان خاتم الرسل، وكان القرآن خاتم هذه الكتب. من الطبيعى، الذي يتفق مع طبائع الأمور إذا، أن يكون في القرآن بعض ما في تلك الكتب والرسالات السماوية من أنباء وقصص، وإن كان بعضها على نحو أبسط أو أوجز. هذا لا عجب فيه، ولو كان الأمر على غير هذا لكان هو العجب!

من هنا، كان خطأ بعض المستشرقين خطأ كبيرا في المنهج، حين يتعرضون لشئ مما حوى القرآن من تلك الأنباء وذلك القصص، متخذين التوراة وحدها المقياس للحقيقة والمصدر لكل شئ من أخبار الماضين، متناسين أن كلا من التوراة والقرآن من عند الله الذي أودع في كل من الكتابين ما شاء من العقائد وقصص الماضين، على النحو الذي شاء من البسط أو الإيجاز.

لا معنى إذا للقول بأن القرآن أخذ هذه القصة أو تلك عن التوراة، وأنه حرف كثيرًا أو قليلا ما أخذ عنها. ولا معنى كذلك لما يذهب إليه بعض أولئك المستشرقين، تفسيرًا لوجود قصص الأنبياء وأممهم في القرآن، من أن الرسول كان يعرف التوراة وأخذ عنها. هذا وذاك لا ضرورة لافتراضه، ولا معنى لالتزامه مادام كل من الكتابين من عند الله؛ وبخاصة أنه قد تعارف الناس جميعا وثبت للعالم كله أن محمدا عليه الصلاة والسلام كان أميًا لا يقرأ ولا يكتب، وفي هذا يقول القرآن (العنكبوت 29: 48): {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} ثم، كيف يفسر هؤلاء المتعنتون اشتمال القرآن على قصص أنباء لم تجئ في التوراة، بل لم تشر إليها، إن كانت هي المصدر الذي أخذ منه الرسول ما أخذ في هذه الناحية!

وبعد، فداود، كما نعلم وكما جاء في كتاب قصص الأنبياء للمرحوم الأستاذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015