يمنعهم ذلك من مخالطة علية القوم أو يحرمهم من عطف الخليفة. وأشهر هؤلاء المستسرين لمذهب الخوارج هو الفيلسوف المعروف أبو عبيدة معمر بن المثنى. فقد روى ابن خلكان حكاية لاذعة تدل على تعصبه في القول على الأقل (جـ 1، ص 107، طبعة 1310, ويجب أن يصحح الشاهد الشعرى الذي أورده على أمالى المرتضى جـ 3، ص 88 - 89) (?) وللخوارج شعر وفصاحة، لأن أكثر قوادهم -وخصوصا في عهدهم الأول- كانوا ينتسبون إلى البدو من جند الكوفة والبصرة. وقد جمعت الخطب التي قالها زعماؤهم. يزودنا ما بقى منها بصورة بارعة عن أقوالهم كما يزودنا بفكرة طيبة عن ملكتهم في الخطابة. وبين أيدينا عدة شواهد من شعرهم بعامة (وقد جمعت أيضا في دواوين خاصة) وشعر عمران بن حطان بخاصة (وهو الذي يعد في الوقت نفسه من مؤسسى فقه الخوارج) وقد أورد الجاحظ (البيان والتبيين، 1313 هـ, جـ 1 ص 131 - 133؛ جـ 2، ص 126 - 127) ثبتا طويلا بخطباء الخوارج وشعرائهم وفقهائهم.
وسجلت حروب الخوارج منذ بداية التأريخ العربي في مصنفات عدة لم تصل إلينا بنصها الكامل، ولكننا نعرف مادة أهمها -ومن بينها مصنفات لأبي مخنف وأبي عبيدة والمدائني- من الفقرات التي ذكرت في المصادر التاريخية التي نوردها بعد.