صدقة بن مزيد، وأعملوا السلب والنهب في البلاد التي حوله. فلما طاردهم دبيس عادوا إلى الشمال وهاجموا الأنبار. وقد دافع أهلها عن أنفسهم مدة من الزمن، ولكن خفاجة تمكنت من دخول المدينة لأنه لم تكن تحيط بها أسوار تحميها، وأعملوا فيها السلب والتحريق. وغادر بنو خفاجة المدينة عندما بلغهم أن قرواش قادم لإخراجهم منها يعاونه جند من بغداد، ولكنهم سرعان ما عادوا ونهبوها مرة أخرى، وتمكن قرواش من طردهم آخر الأمر من المدينة وأمضى فيها فصل الشتاء، وأمر ببناء أسوار تحميها مما قد يقع عليها من هجمات مباغتة. وفي ذلك الوقت أقسم منيع يمين الولاء لأبي كاليجار الوالى البويهي ثم سار ناحية الجنوب إلى الكوفة وجعل الخطبة فيها لأبي كاليجار فكافأه بولاية سقى الفرات ومن ثم خرج دبيس عن ولائه لأبي كاليجار عام 420 خوفا من غارات خفاجة.
وكانت خفاجة في السنوات التالية تنحاز حينا إلى فريق وحينا إلى آخر، فلما تشاجر دبيس مع أخيه ثابت انحازت إلى دبيس سنة 425 هـ (1033 م). على أن النزاع نشب أيضًا بين زعماء خفاجة وقتل فيه علي بن ثمال، فأصبح ابن عمه الحسن بن أبي البركات زعيما لهذه القبيلة. وانتقض الحاجب بارس طغان في بغداد عام 428 هـ (1036 م) فاستعان البساسيرى قائد جند الخليفة بقبيلة خفاجة فيما استعان به من قبائل للقضاء على هذه الفتنة التي انتهت بقتل بارس طغان. وانقطعت عنا أخبار خفاجة بضع سنوات فلم نسمع عنهم الكثير، ولكنهم أغاروا مرة أخرى على الجامعين عام 446 هـ (1054 م) ونهبوها، وكانت متابعة لدبيس، فهب البساسيرى لمساعدته فارتد بنو خفاجة إلى الصحراء وتعقبهم المتعقبون إلى معقلهم خفان وحاصروه ودمروه تدميرا ماعدا القلعة، وكانت بناء حصينا مشيدًا بالحجر. وانقض البساسيرى على الخليفة في العام نفسه واستولى على الأنبار بعد حصار طويل، وكان من بين الأسرى الذين وقعوا في يده مائة رجل من قبيلة خفاجة. وأعقب ذلك فترة