إنه قد تيسرت لى حين مقامى (?) ببلادى (برزة)، برفقائى إلى بعض المتنزهات (?) المكتنفة تلك البقعة، فبينا نحن نتطاوف إذ عن لنا شيخ بهي قد أوغل في السن وأخنت عليه السنون وهو في طراءة العز (?) لم يهن منه عظم ولا تضعضع له ركن وما عليه من المشيب إلا رواء من يشيب -فنزعت إلى مخاطبته وانبعثت من ذات نفسى لمداخلته ومجاورته (?)، فملت (?) برفقائى إليه فلما دنونا منه بدأنا هو بالتحية والسلام وافتر عن لهجة مقبولة، وتنازعنا الحديث حتى أفضى بنا إلى مساءلته عن كنه أحواله واستعلامه سنه وصناعته بل اسمه ونسبه وبلده فقال أما اسمى ونسبى فحي بن يقظان، وأما بلدى فمدينة بيت المقدس، وأما حرفتى فالسياحة في أقطار العوالم حتى أحطت بها خبرًا ووجهي إلى أبي وهو حي، وقد عطوت منه مفاتيح العلوم كلها فهدانى الطريق السالكة إلى نواحى العالم حتى زويت بسياحتى آفاق الأقاليم، فما زلنا نطارحه المسائل في العلوم ونستفهمه غوامضها حتى تخلصنا إلى علم الفراسة، فرأيت من إصابته فيه ما قضيت له آخر العجب، وذلك أنه ابتداء لما انتهينا إلى خبرها فقال: "إن علم الفراسة لمن العلوم التي تنقد عائدتها نقدا فيعلن ما يسره كل من سجيته فيكون تبسطك إليه وتقلصك عنه بحسبه، وأن الفراسة لتدل منك على عفو من الخلائق ومنتقش من الطين وموات من الطبائع (?) وإذا مستك (?) يد الإصلاح