+ الحنفية، المذهب الحنفى نسبة إلى أبى حنيفة النعمان بن ثابت، وقد نما هذا المذهب من صلب مدرسة الكوفة القديمة، واستوعب مدرسة البصرة القديمة أيضًا. ونحن نجد فى زمن متقدم يرجع إلى الجيل الذى تلا أبا حنيفة المتوفى سنة 182 هـ (795 م) أن أبا يوسف أشار إليه بقوله "الإمام الأعظم" (كتاب الخراج، جـ 2)، ويتحدث الشيبانى المتوفى سنة 189 هـ (805 م؛ ) عن أتباع أبى حنيفة. ويردد الشافعى المتوفى سنة 204 هـ (820 م؛ ) القول بأن أتباع أبى حنيفة جماعة متجانسة (اختلاف الحديث على هامش كتاب الأم، جـ 7، ص 122, 337 وغير ذلك من المواضع). وقد تحول معظم مادة مدرسة الكوفة القديمة إلى المذهب الحنفى بفضل النشاط الواسع لأبى يوسف فى التأليف عامة، وبفضل أمهات الكتب التى ألفها الشيبانى خاصة وهى "كتاب الأصل" (بدأ بتحقيقه شفيق شحاته، القاهرة سنة 1954) وكتاب "الجامع الكبير" (بتحقيق أبى الوفا الأفغانى، القاهرة سنة 1356 هـ)، وكتاب "الجامع الصغير" (بولاق سنة 1302 هـ على هامش كتاب الخراج لأبى يوسف)، وأصبحت هذه الكتب عمدة المذهب الحنفى، وأصبح أبو يوسف والشيبانى يعدان الصاحبين الأكبرين لأبى حنيفة، وغدا ثلاثتهما أوثق مراجع هذا المذهب، ولو أن أصحابًا آخرين له مثل زفر بن الهذيل والحسن بن زياد اللؤلؤى لا يقلون عنهما شأنًا فى ذلك الزمان. وهم يختلفون فيما بينهم كثيرًا، على أن صفة الوحدة فى المذهب الحنفى أقل وضوحًا بكثير من المذاهب الأخرى (والخلافات فى الرأى بين هؤلاء الأثبات الثلاثة سجلها أبو الليث السمرقندي فى كتابه "مختلف الرواية"). وقد أصبح أبو حنيفة ومذهبه لأسباب عارضة، الهدف الرئيسى لأهل الحديث فى إنكارهم للأخذ بالرأى فى مسائل الفقه.
ونشأ المذهب الحنفى فى العراق ومن ثم أيده الخلفاء العباسيون الأولون. وقد عرض دائمًا العرض الحسن فى موطنه وفى الشام. وانتشر مبكرًا فى المشرق، فامتد إلى خراسان،