الشيعية. وتميزت محاولة البساسيرى سنة 451 هـ (1059 م) لإعادة المذهب الشيعى إلى بغداد بكل ما تتميز به الأعمال اليائسة سريعة الزوال. وفى سنة 459 هـ (1067 م) افتتحت المدرسة النظامية فى بغداد لتدريس الفقه الشافعى. وتبع ذلك غزو المذهب السنى من جديد لأواسط الشام وجنوبيه. ثم أعاد الأمير أتسز سنة 467 هـ (1074 - 1075 م) الخطبة للعباسيين فى دمشق. وقد بدأ أول تمزق سياسى فى الإمبراطورية السلجوقية الكبرى سنة 485 هـ (1092 م) بموت ملك شاه. وعقيب ذلك، ظهر الصليبيون فى الشام وفلسطين واحتلوا أنطاكية سنة 491 هـ (1098 م) والقدس سنة 492 هـ, وطرابلس سنة 503 هـ (1109 - 1110 م) إلا أن القوة الدافعة لحركة العودة إلى المذهب السنى استمرت بإحياء الخلافة، التى بدأت بالخليفة المكتفى (530 - 555 هـ - 1136 - 1160 م) وبتأسيس أسرة بنى زنكى وأسرة الأيوبيين الحاكمتين فى الشام. وكانت هذه الحقبة التى دامت قرنين هي العصر الذهبى للمذهب الحنبلى الذى بدأ أيضًا من خلال شخصيات أكابر دعاته فى صورة حركة تنطوى على خلافات فى الرأى بالرغم من التزامه الكبير بالتقاليد التى تقوم عليها العقيدة الحنبلية.
الشريف أبو جعفر الهاشمى المتوفى سنة 470 هـ (1077 - 1078 م) وهو يعد فى الجوهر خليفة للبربهارى وابن بطة، إلَّا أنه امتاز على وجه الخصوص بالجهود النشطة التى بذلها لتأييد العقيدة الحنبلية واستعادة سلطان الخلافة العباسية. فنراه وقتذاك فى بغداد متزعمًا لسلسلة من الانتفاضات الشعبية ضد مذهب المعتزلة والتصوف؛ وفى سنة 460 هـ (1068 م) ناهض تدريس مذهب المعتزلة بالمدرسة النظامية؛ وفى سنة 461 هـ ناهض ابن عقيل الذى أدين لتعاطفه مع فكر المعتزلة أو الحلاج؛ وفى سنة 464 هـ شن حملة على شتى صور الفساد؛ وفى سنة 465 هـ إلى مناهضة ابن عقيل الذى أجبر على أن يعلن على الملأ رجوعه عن معتقداته السابقة؛ وأخيرًا