بوسكويه (G.H. رضي الله عنهousquet فى مجلة صلى الله عليه وسلمrabica جـ 7، عدد 3، ص 246 - 249) قد أصاب كبد الحقيقة بقوله إن الحلم ضد الجهل، ويتضمن ذلك "فكرة الصلابة الطبيعية ومن ثم الاستقامة الخلقية والتماسك والفكر المطمئن البعيد عن الهوى واللطف فى التعامل مع الناس. والحليم هو الرجل المتمدن بخلاف الجاهل وهو الهجمى. ويضيف كولدتسيهر "المروة" ويجوز أن يجدها المرء فى الحالات التى يجوز فيها الركون إلى الجهل، أى فى الحالات التى يسمح المرء لنفسه أن يضله ضرب من العفوية غير المصقولة، ذلك أن الحلم يمكن أن يكون دليلا على الضعف (انظر الميدانى، جـ 1، ص 220: "الحليم مطية الجهول")
وبعد فإن بشر فارس (فى كتابه؛ L'honneur chez les صلى الله عليه وسلمrabes avant l'Islam باريس سنة 1932، ص 21) الذى لم يرجع إلا إلى المجلد الثانى من الدراسات الإسلامية لكولدتسيهر (Muh. Stud: Goldziher) يجعل الحلم من العناصر الأربعة للشرف هو والكرم والنهى والشجاعة (المصدر المذكور، ص 56) وإذ يذكر (المصدر نفسه، ص 55) أن الحلم يقوم على "عدم الاستسلام للغضب" فإن هذا الكاتب يدرك أن الحلم يتجاوز أحيانًا الاعتدال البسيط فيصبح مطابقا للاحتمال، وفى هذه الحالة "فإن الرئيس يعانى باختياره الإهانات ويمسك عن ردها بالانتقام، ومن عجب فيما يبدو أنه لا يبالى بشرفه هو". وفى هذا الموقف الذى يختلف كل الاختلاف مع تشدد العرب القدماء يرى بشر فارس تفسيرا لذلك هو "أن العار الذى تستثيره ممارسة الحلم يزكى هيبة الجماعة ويتحاشى طغيان الرئيس". والحق أن هذا الضرب من الحلم وهو النظر إلى الإهانات باحتقار، ينطوى على قوة خلقية كبيرة، ذلك أن إهمال الإهانات يمكن إذا اتصف المرء بنبل فى خلقه أن يحصل عبرة أكبر ثمرة من عقوبة بدنية يوقعها بالمذنب. على أن هذه الفضيلة إنما هى من شيمة الأشراف، ولا شك أن الروايات تحكى نوادر عدة يمكن أن ترى فيها أحلام الناس يتغاضون عن أخطاء تتفاوت فى عظمها، فى حين أن