ليس هو اتحاد المادة، ولكنه: عشق ومحبة يرحبان فى فراغ نفس الإنسان بالزائر المحبوب (= الله) أى "الجوهر الذى جوهره الحب" كما عبر الحلاج عنه.
والرياضة التى فهمت على هذا النحو تعرضت لنقد لاذع من الفرع الصوفى الأساسى الآخر أى القائلين بمذهب وحدة الوجود (انظر Massignon المرجع نفسه)، الذى كان سائدًا منذ القرنين - السادس والسابع الهجريين (الثانى عشر والثالث عشر الميلاديين)؛ وقد واجهت هذه الرياضة اعتراضًا مزدوجًا.
(1) اعتراض على فكرة الحلول ودخل هذا الاعتراض فى التهم التى حوكم من أجلها:
قال الحلاج:
(جبلت روحك فى روحى كما
يجبل العنبر فى المسك الفَتِق)
(ديوان الحلاج، م.- 41)، ثم قوله فوق ذلك "نحن روحان حللنا بدنًا" (انظر م. - 57). ولكن النص الكامل للأشعار والكتابات يوضح أن الحلول هنا، لم يكن ليفهم بالمعنى الذى شاع بعد أى "التجسيد" أو اتحاد المادة. وحلول الحلاج بأجلى معانيه، يجب أن يفهم على أنه اتحاد كامل مراد (فى الحب) يعمل فيه عقل العبد إرادته وكل ما يمكنه فى واقع الأمر من أن يقول "أنا" بفضل الله. ومن ثم فإن عبارة "نحن روحان حللنا بدنًا" يجب أن تقارن بقول المتصوف النصرانى القديس يوحنا الصليبى: "طبيعتان، إله وإنسان فى روح واحد، وحب الله".
(2) ومن هذه نشأ الاعتراض الثانى الذى شاع كثيرًا، ووجه إلى الحلاج وقوله بوحدة الوجود، وهو قول كان يجب أن يعبر عنه فى رأى ابن عربى، بأنه قرر بالجمع والاتحاد (ثنوية). ووحدانية "وحدة الموجود" يقصد بها فى واقع الأمر، أن الاتحاد يجب ألا يعمل حقًا من خلال الحلول؛ ولكن من خلال بديل كامل لأنا الإلهية بأنا القائمة على الرياضة. فالاتحاد بالله هو أن تحقق اللاهوت الذى فاض من الله على روح الإنسان (فاض، ولم يوجد من عدم؛ انظر، رواية الغزالى فى الرسالة اللدنِّية: ["روح الإنسان من أمر الله"].