الحلاج. وقد قال الحلاج ما معناه: إن أهم الأمور أن يطوف قلب الإنسان حول الكعبة سبع مرات: ولذلك اتهموه بأنه ثائر قرمطى، أراد أن يهدم الكعبة. ولم يحضر المحاكمة أى واحد من الشافعية. وامتنع القاضى الحنفى عن إصدار حكم، ولكن مساعده وافق على تأييد أبى عمر، ونجح وكيل الشهود المحترفين فى تقديم أربعة وثمانين موقعًا على عريضة الاتهام. وفى أثناء الجلسة، نطق أبو عمر، بتحريض حامد، بهذه العبارة: "الشرع يحل إهدار دمك".
تنفيذ الحكم: وظل كبير الحجاب نصر، وأم الخليفة يومين يتشفعان للحلاج عند الخليفة الذى داهمته الحمى، فألغى تنفيذ الحكم. ولكن دسائس الوزير انتصرت على تردد المقتدر الذى وقع الأمر بقتل الحلاج فى أثناء مغادرته وليمة كبرى. وفى الثالث والعشرين من ذى القعدة، أعلنت أصوات الطبول قرب تنفيذ الحكم. وسلم الحلاج لرئيس الشرطة، وفى المساء وعظ نفسه، وهو فى زنزانته استعدادًا للاستشهاد، وتنبأ ببعثه المجيد. وقد دونت هذه الأدعية والمواعظ وجمعت فى كتاب أخبار الحلاج.
وفى الرابع والعشرين من ذى القعدة، وعند باب خراسان، "وأمام حشد هائل" ضرب الحلاج وعلى رأسه تاج ضربًا مبرحًا، حتى أصبح شبه ميت، ثم صلب وهو بعد حيى على "صليب". وفى هذه الأثناء، أشعل المشاغبون النار فى الحوانيت وراح الأصدقاء والأعداء يسألونه، وهو مصلوب، وتحكى الروايات بعض إجاباته عن هذه الأسئلة. ولم يصل أمر الخليفة بضرب عنق الحلاج حتى حل الليل، وواقع الأمر، أن التنفيذ النهائى للحكم أرجئ حتى اليوم التالى. وفى أثناء الليل، ذاعت أخبار عن وقوع أحداث عجيبة خارقة، ولما أصبح الصباح تجمع فى قول التوزرى أولئك الذين وقعوا العريضة، حول ابن مكرم، وصاحوا قائلين: إنه فى سبيل الإسلام، دع دمه يسيل فوق رؤوسنا. وسقط رأس الحلاج، ورش جسده بالزيت وأحرق، وألقى رماد رفاته فى نهر دجلة من قمة مئذنة فى 27 مارس سنة 922 م.