فى بلاد الجزائر. ففى البداية، أقيمت حكومة حقيقية للجزائر فى وقت مبكر، تتألف من حاكم عام، تكون المرافق العامة التى أقيمت محليًا مسئولة أمامه معظم الوقت، وألغى منصب الحاكم العام وحل محله، ابتداء من 24 يونية وحتى ديسمبر سنة 1860، وزير للجزائر مقره باريس. ثم جعلت حكومة الجمهورية الثالثة جميع المواطنين العاملين فى الجزائر مسئولين مباشرة أمام وزاراتهم فى باريس، فى الوقت الذى استرجعت فيه وظيفة الحاكم العام، واستمرت هذه التجربة حتى 31 ديسمبر سنة 1896، لكنها أثبتت فشلها، فاستعيد النظام القديم، وظهر واضحًا فى تلك الحالتين، أن المركزية الشديدة لم تسفر عن نتائج حسنة وأن الجزائر لا بد وأن تحكم من داخلها تحت سلطة الحكومة الفرنسية وسيطرة البرلمان الفرنسى.
وفى الواقع، لقد تبين منذ السنين الأولى للغزو أن الإدارة الفرنسية لا يمكن أن تطبق دون تعديل، ذلك أن العادات وردود الأفعال والعقائد المتأصلة فى شعوب المسلمين تختلف اختلافًا كبيرًا عن تلك الموجودة فى فرنسا. ومن ثم، بقى فى جميع الأحوال نظامان للحكومة بالرغم من وجود الحكام والقوانين والنظم وجميع المؤسسات الفرنسية التى زرعت زرعًا فى الجزائر، لأن ذلك البلد الواحد ضم شعبين مختلفين تمامًا لا يجمع بينهما شَبَهُ كاف للتفكير فى إقامة وحدة. وبدأ هذا النظام بالمكاتب العربية وهى منظمة عسكرية مسئولة عن حكم السكان المسلمين، وانتهى بقانون 20 سبتمبر سنة 1947 الذى أنشأ فى الجزائر هيئتين منتخبتين. واحدة للأوروبيين والأخرى للمسلمين، بالرغم من تفاوتهما فى العدد والتركيب، وذلك أن نساء المسلمين لم يعطين حق التصويت حتى عام 1958.
وكانت هيئة مكتب الحاكم العام والمصالح الإدارية التابعة لها تتألف عادة من الفرنسيين، ولم يشغل الجزائريون المسلمون وظائف مسئولة فيها إلا بعد الحرب العالمية الثانية. وهكذا كان حكم الجزائر فى أثناء العهد الفرنسى حكمًا هجينًا لعب فيه