هذا التقليد القصصى حتى اليوم؛ وما زال يمثله رواة القصة المنشدون فى أقاليم قارص، وأرتوين، وأرضروم فى شرقى تركيا. أما الحكايات ذات الموضوعات البطولية مثل حكايات مجموعة قور أوغلى، وحكايات كرم، وحكايات غريب الخ ... التى تروى قصص الغرام فقد اتسمت بأنماط الأسلوب والشكل المأثورة: وفيها السرد القصصى والحوار الثنائى المألوف بالنثر؛ والأحاديث الفردية والجوار الثنائى العاطفى بالشعر يتخلل السرد القصصى، ويتغنى به بمصاحبة آلة تسمى "الساز" (آلة تشبه المزهر) راوى قصة العاشق نفسه. وثمة عدد من هذه القصص ألبست ثوب القصص الخيالية تروى سير العاشقين الحقيقيين، ولكن حتى فى هذه الحالة، نجد أنه قد أدخل عليها عنصر بعينه يتصل بالناحيتين الخرافية والأسطورية. ومع ذلك، فإنه بمقارنة هذه القصص بقصص العجائب، وبقصص مغامرات الفروسية (مثل قصة بطَّال) وبسير أولياء الله الصالحين، نجد أن الحكاية تفصح عن ميل واضح للواقعية. وفى سير "العاشقين" نجد أن الأشعار التى تقحم عليها تكون من نظم صاحب السيرة نفسه، وتستعاد على نحو تتفاوت فيه الأمانة. أما الحكايات التى لا تنتمى إلى هذه الفئة من السير الخيالية العاطفية، فهى بقسميها من النثر والشعر من آثار "كُتَّاب العشق" الذين يستهلونها بموضوعات مستمدة من مصادر شفوية أو مكتوبة، بل يستقونها فى بعض الأحيان من حدث ما يقع فى محيطهم المباشر، ويطورونها على مقتضى القواعد ومأثور التقاليد، ويدخلون فيها أشعارًا من نظمهم فى مواضع من السرد القصصى تبدو مناسبة كل المناسبة. أما الأعمال المختلفة والمراحل المتعاقبة لهذا الإنتاج فيرتجل بعضها فى أثناء الإنشاد، وقد لوحظ ذلك بين "كُتَّاب العاشقين" (= مُصَنِّف) فى الوقت الحاضر (انظر ب. ن. بوراتاو: المصدر السابق، ص 130 - 186، وبخاصة ص 158 - 163).

وثمة عدد من الحكايات فى سجل الأناضول مألوفة عند الشعوب الأخرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015