وكان يستعان بآلات الحصار في تنفيذ العمليات الميدانية، بصرف النظر عما كان يتزود به الأفراد من أسلحة، وجرى السير على الأساليب القديمة في استعمال هذه الآلات، إلا أن هذه الأساليب أحرزت قدرًا من التقدم الفنى، واستخدمت الأسلحة على نطاق أوسع بكثير عن ذى قبل في النصف الأخير من العصور الوسطى. ففى أول الأمر، كان المحاصرون يحاولون، إذا تيسر، ردم جزء من الخندق المائى المحيط بالحصن ليتمكنوا من عبوره. وفى حالة حصار المدن، كانت المحاولات تبذل إما بهجوم مباغت، وإما بالخيانة حتى يتم تسلق جدران الحصن بالسلالم، ويسرع أول مقتحم إلى فتح باب من أبوابه تسهيلا لدخول سائر الجنود، وهى مناورة لا يضمن لها النجاح إلا بالليل. ويحاول الجنود في أغلب الأحوال، وإذا ما سمحت طبيعة الأرض، أن يدقوا في أسافل جدران الحصن أبراجا خشبية متينة ذات طوابق عدة (تشبه الدبابات) ويستطيع المهاجمون أن يقاتلوا من أعالى هذه الأبراج خصومهم فوق الجدران، ثم يثبون عليهم آخر الأمر. كما اعتادوا قبل أى شئ محاولة تصديع استحكامات المدن، أو نقب جدران القلاع، أو العمل على انهيارها بشق النقبُ أو باستخدام بعض الآلات. ويبدو أن أهل خراسان كانوا ذوى مقدرة في شق الأنفاق التى من هذا القبيل، حيث كان الحفر يجرى في أماكن خفية عن المدافعين كلما أمكن ذلك ثم تدعم هذه الأنفاق بخوازيق من الخشب وتمد إلى الهدف المختار وتضرم النار في الخوازيق، فتهبط الأرض (إذا لم تكن من جلمود الصخر) ويهبط معها البناء القائم فوقها، وكان المحَاصرُون يدافعون عن أنفسهم بشق أنفاق مضادة لسد الطريق على من يشقون الأنفاق من جنود العدو. وكانت آلات الحصار على الإجمال من نوعين، استخدم أولهما لإضعاف أجزاء بعينها في الجدار المستهدف بضربات مباشرة، وعرف هذا النوع طوال العصور الوسطى باسم (كبش أو سِنَّورْ)، واستخدم ثانيهما في قذف ما يشبه الصواريخ، وهو ثلاث مجموعات من المنجنيق تختلف وفقًا لطريقة إطلاق القذائف منها، وتقوم أساسًا على أن