وكان الباى محمد (1855 - 1859) وأخوه محمد الصادق (1859 - 1882) مصلحين من ذوى العزيمة، ولكن ناصحيهما كانوا في كثير من الأحيان بعيدين عن الصواب: والباى محمد هو الذى أنشأ "المجبى" (أى ضريبة الرءوس) وأصدر القانون الأساسى Pacte Fondamental في 20 سبتمبر سنة 1857 على نسق "خط همايون" العثمانى الذى صدر في فبراير سنة 1856. وقد منح هذا القانون جميع التونسيين المساواة وحرية العقيدة والحرية في الأمور التجارية. وكذلك أباح للأجانب حق التملك في البلاد التونسية والمشاركة في كل نشاط اقتصادى. وأعيد تنظيم الحكومة على النمط الأوربى وسن محمد الصادق دستورا جعل البلاد ملكية وراثية يحكمها الباي بمعاونة مجلس تشريعى من ستين عضوا، وكذلك أنشأ هذا الدستور محاكم منتظمة. وتفاقم الحالة المالية للبلاد مقترنة بسوء إدارة مصطفى الخازندار للأموال حمل الباى سنة 1863 على الحصول على قرض من الصيرفى إرلانجيه صلى الله عليه وسلمrlanger بفائدة باهظة. ولم تتوفر للباى محمد الوسائل لسداد هذا القرض فاضطر إلى مضاعفة المجبى. وأثار فعله هذا فتنة سنة 1864 اشتعلت بين القبائل الكبرى ثم امتد لهيبها إلى مدن الساحل بزعامة على بن غداهم. وأخمدت الفتنة، إلا أن تونس أصابها الخراب. فعقد محمد الصادق قرضا جديدا سنة 1865 بشروط ليست بأقل قسوة من القرض الأول. وأحسَّ الباى أنه مشرف على الإفلاس فاضطر عام 1869 إلى الموافقة على إنشاء وكالة مالية دولية من تونس وإنجلترا وإيطاليا كشفت أخيرا عن التصرفات الشائنة التى ارتكبها مصطفى الخازندار.
وبذل رئيس الوزراء الجديد خير الدين محاولات لإعادة توثيق العلاقات بين تونس والإمبراطورية العثمانية، إلا أن هذه المحاولات وئدت لمعارضة فرنسا وإيطاليا. وتفاقم الضغط الفرنسي باطراد وأصبح التدخل الفرنسي بعد معاهدة برلين سنة 1878 أمرا محتوما بالرغم من بعض الجهود التي بذلتها إيطاليا لتأخير ذلك.