ولاية طرابلس ثلاث سنوات، ثم استأنف الهجوم بجيش جديد عام 78 هـ (697 - 698 م) فيما يرجح، وبمساعدة بعض جماعات البربر التى كانت مستاءة من سياسة الكاهنة. وهزمت الكاهنة ولقيت حتفها فى المعركة. وتم بعد ذلك الاستيلاء على قرطاجة مرة أخرى، بعد أن هجرها المدافعون عنها، ودمرت حتى غدت خرابا بلقعا، وعاد حسان إلى الشرق لما عزله من منصبه عبد العزيز بن مروان شقيق الخليفة، ووالى مصر الذى استبدل به صفيه موسى بن نصير (صفر عام 79 هـ = أبريل - مايو عام 698 م). ومرَّ حسان بمصر مُجردًا من كل الغنائم التى استولى عليها فى إفريقية. ومات وهو يحارب الروم عام 80 هـ (699 - 700 م).
وتعد حملات حسان معلما بارزا فى إرساء قواعد الفتح العربى، وإليه يرجع الفضل فى إنشاء دار الصناعة فى تونس نزولا على أوامر الخليفة الذى كان يتلهف على إنشاء أسطول قوى وإعادة بناء المسجد الجامع فى القيروان بمواد أكثر متانة. وحذا حذو المحاولات التى كانت تُبذل وقتذاك فى الشرق، فحاول أن يزود إفريقية أيضا بإدارة تتصف بالكفاية، وأراد أن يضمن تعاون البربر وولاءهم، فجعل لهم نصيبا فى الفئ وخاصة فى توزيع الأرض.
(1) ابن عبد الحكم فى فتوح إفريقية، تحقيق وترجمة صلى الله عليه وسلم. Gateau، الجزائر سنة 1948, ص 76 - 87، لتعليق رقم 97.
(2) اليعقوبى، تأريخ، بيروت سنة 1960، جـ 2، ص 277.
(3) البلاذرى، فتوح البلدان، القاهرة سنة 1932، ص 231.
(4) كتاب الإمامة والسياسة المنحول لابن قتية، القاهرة سنة 1904, ص 97 و 102 (عن المصّنف انظر