فإن السلطان كلما ازدادت قوته وازداد نصيبه من تقوى الله اشتد شوقه إلى رفع مستوى الأخلاق ونشر الصلاح بين شعبه. ويشيد أمير خسرو بالحسبة التى كان يقوم عليها خلجى، ذلك أنه حرص بخاصة على تدفق المؤن والرقابة على أسعار الأقوات. ومنع السلطان منعا باتا شرب الخمر، والقمار وغيرهما من الآفات الاجتماعية والخلقية، إذ كان يعتقد أنه لم يتشدد فى الرقابة على أخلاق الجمهور فإن العقوبات الرادعة التى توقع على مختلف الآثمين المخالفين لأحكام الشريعة سوف تكون لا معنى لها، وقد وقع تغلق (725 هـ - 752 هـ = 1325 م - 1351 م) فى عهده هذه العقوبات بقسوة لا مثيل لها من قبل. وكان شديد الحماسة للمضى فى تنفيذ الاحتساب إلى حد أنه كان أحيانا يقوم شخصيا بعمل المحتسب وكان يختبر المسلمين فى المبادئ الأولى للعقيدة. وكان المحتسب فى عهده موظفا يتبوأ مكانة رفيعة، وكان فى رواية القلقشندى (صبح الأعشى، جـ 5، ص 94؛ الترجمة الانجليزية الجزئية التى قام بها O. Spies شتوتجارت سنة 1936، ص 72) وابن فضل الله العمرى (مسالك الأبصار، الترجمة الإنجليزية الجزئية التى قام بها ش. عبد الرشيد، عليكره سنة 1944، ص 242) يتقاضى مرتبًا شهريا قدره 8,000 تنك. وأولى السلطان اهتماما خاصا بإقامة الصلاة. وفى رواية لابن بطوطه (جـ 3، ص 292؛ الترجمة التى قام بها Von Mzik، ص 149) أن سيدة من الأسرة المالكة رجمت لأنها ارتكبت جريمة الزنا، فلقيت حتفها. وبالمثل كان الحد على شاربى الخمر، علاوة على الحبس المنفرد ثلاثة شهور، ويشهد كل من برنى (تأريخ فيروز شاهى، ص 441) وابن بطوطة (المصدر نفسه) بمستوى الحسبة الرفيع الذى حافظ عليه السلطان تُغْلق غياث الدين (720 هـ 725 هـ = 1320 م = 1325 م) ولم يألُ ابنه محمد تُغْلق جهدا فى مراعاة الشعائر الدينية حتى فى بلاطه. وكان سكْندر لودى لا يقل حماسة فى مضيه فى إقامة الحسبة بسائر أرجاء مملكته. وقد تخلص بشجاعة من عادة شائعة لها مكانة رفيعة فى ذلك العهد، وهى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015