يغفر لهذا المرء أو ذاك ذنوبه ولكنه تعالى لا يغفر للناس جميعا. فقد وجب أن يجازى الله بعض من ارتكبوا الكبيرة بقضاء فترة فى نار جهنم (اللقانى، جوهرة التوحيد، طبعة Luciani، الجزائر سنة 1907، بيت رقم 117). ذلك لأن الله يجازى على الكبائر بعذاب إلى حين إذا كان الآثم مؤمنا ووعد الله "حق".

وموضوع الجزاء على الأعمال، وهو الغاية بالذات من الحساب، يؤدى بنا إلى مسألتين ترتبط إحداهما بالأخرى، وهما مسألة التوبة ومسألة الشفاعة.

3 - طريقة الحساب، لقد سبق أن رأينا أن آيات القرآن الكريم تذكر عند الحديث عن الحساب، الـ "كتاب" يؤتاه كل إنسان يوم الدين. والحديث يجعل الميزان أداة لـ "وزن" الأعمال. ويفسرهما المعتزلة وبعض الأشعرية المتأخرين بمعنى مجازى. ويقولون إن "الكتاب" هو معرفة "ما للمرء وما عليه" وهذا ما سيبينه الله لكل إنسان يوم البعث، فى حين يرمز "الوزن" إلى عدل الله وإنصافه. ولكن الله سبحانه وتعالى ليس فى حاجة إلى وزن بالمعنى الحقيقى للكلمة حتى يصدر حكمه، وبما أن أعمال الإنسان ليست إلا حوادث عابرة فإنها لا يمكن أن تعود إلى الوجود ما دامت قد انتهت إلى العدم. (ومن شاء الاطلاع على خلاصة لهذا الجدل فلينظر مثلا الغزالى: الاقتصاد، القاهرة بدون تاريخ، ص 8؛ الجرجانى: المصدر المذكور، ص 321). وفضلا عن هذا فإنه لا يمكن أن تكون للأعمال صفات خفه الوزن أو ثقله التى يقتضيها الوزن (الجرجانى: المصدر المذكور). ومهما يكن من أمر فإن أبا الهذيل البصرى وابن المعتمر البغدادى يقولان إن وجود الميزان "ممكن" ولكنهما لم يبديا رأيهما فى حقيقته.

على أن الحنابلة والحنفية الماتريدية وأغلبية الأشعرية استنادا إلى الأحاديث وإلى "عقيدة السلف" يتفقون فى الاعتراف بوجود هذه الغيبيات. ويسمى الميزان، بصفة خاصة، "حقا" فى وصية أبى حنيفة (الفقه الأكبر الثانى، جـ 3، والفقه الأكبر الثالث، جـ 3؛ وأنظر The Mus-: صلى الله عليه وسلم . J.Wensinck liM Creed , كمبردج سنة 1932، الفهرست) وكذلك فى بيان عقيدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015