أنه حدث سنة 459 هـ (1064 م) أن قتلمش بن أرسلان إسرائيل انتقض على ألب أرسلان، فاعتكف فى الرى وجعل الطرق الموصلة إليها لا يمكن المرور فيها بتحويل الماء بحيث يغمر البطائح السبخة حتى يصب فى الوديان (ابن الأثير، جـ 10، ص 23 - 24). ولكن الأرض المأثورة الصالحة لهذا الفن من الحركات الحربية كانت هى خوارزم، ذلك أن الجيش الذى يتقدم شمالا بغرب على طول نهر جيحون يمكن إيقافه بفيضان شبكة الرى البالغة التعقيد فى هذا الإقليم (انظر عن الشواهد المستقاة من القرن السادس الهجرى الموافق الثانى عشر الميلادى: رضي الله عنهarthold: Turkestan ص 154، 325، 337، 339، 349). ومهما يكن من شئ فإن مثل هذا القرار بغمر الأرض بالمياه قد يؤثر على الجانبين المتحاربين جميعًا. فحين واجه علاء الدين حسين الغورى سنجر عند ناب فى وادى هرى رود سنة 547 هـ - (1152 م) قرر علاء الدين أن يغمر مؤخرته بالمياه حتى يمنع جنوده من الاستسلام، وقد انقلبت هذه المناورة عليه انقلابًا سيئًا نكبه، ذلك أن الجنود الأتراك فى الجيش الغورى تخلوا عن السلاجقة، وردّ الغورية إلى الأراضى المغمورة بالمياه والبطائح (الجوزجانى: طبقات ناصرى، ترجمة Raverty، ص 358 - 360).
وكان الجيش حين يتوقف وتهيأ للمعركة يقيم حراسًا ويبعث بكشافة تستكشف له الأرض ومواقع العدو (فخر مدبّر آداب الملوك، فصل 20؛ وانظر عن هذا المرجع المصادر). ويقول فخر إن "العارض" أى رأس الفرع العسكرى من الحكومة، يفتش حينئذ الجيش كله، من الضباط إلى من دونهم، كما يفتش أسلحتهم وركائبهم، ثم يرى إن كانوا صالحين لخوض المعركة. وكان القواد يوجهون النصح إلى الجنود، ويعدونهم فى كثير من الأحيان بالعطايا الخاصة لكل من يبدى ضروبًا من الشجاعة الفائقة (انظر رضي الله عنهosworth فى IsI.، جـ 36/ 1 - 2. ص 69 - 70، 74). وإذا كان العدو من الكفار أمكن إثارة الحماسة الدينية، وقد أفرد فخر مدبر فصلا عن "لشكر صالح" أى