وتقويم فن الحركات الحربية للعثمانيين فى الميدان يتطلب شيئًا من الحيطة. لقد كان شأن الإنكشارية فى الحرب هم والآلطى بولوك والفرقة الخاصة للبيت السلطانى، هامًا جدًا، لكن يمكن أن ننوه به كثيرًا. والثقل الأكبر للقوات العثمانية يمكن أن نجده فى السباهية، والجنود الإقطاعيين فى الولايات (وهذا يهيمن إلى حد كبير على النهج الذى يتبعونه فى فن الحركات الحربية) الذين يفوقون فى العدد بكثير جنود الحكومة المركزية. وكان النظام المألوف فى ميدان المعركة (وهذا خاضع بطبيعة الحال للتغيرات التى تقتضيها طبيعة الأرض) هو قيام قلب ثابت يضم الإنكشارية وصفوة العناصر الأخرى مع وجود خنادق ومدافع وعربات للحماية، وعلى كل جانب جناح قوى من الفرسان السباهية. والحركات الحربية المناسبة لمثل هذه القوات المصطفة على هذا النسق ليس من اليسير وصفها، وهى تتلخص فى: إزعاج العدو، ومناوشته، والهجمات المفاجئة، والتظاهر بالانسحاب والتسلل إلى الجنب والمؤخرة للجنود المعادية، وأخيرًا القيام بهجمة عامة بالفرسان واكتساح العدو إذا سارت الأمور على الوجه المرغوب، ومنع فراره والمطاردة التى لا تكل. ويجب أن نضيف إلى مثل هذه الاعتبارات عوامل لها شأنها الاستراتيجى. وهى عامل الوقت وعامل المسافة (بالنسبة للحرب مع النمسا وفارس) وعامل الجو (كاقتراب فصل الشتاء) وعامل النقل والإيواء والتموين والعدة. وكأن أثر هذه العوامل أن كانت العمليات الحربية للعثمانيين فى عصرهم الذهبى تتخذ صورة الهجوم القصير المدة، وإن كان هجومًا نشيطًا عنيفًا يحقق إذا أمكن نتيجة سريعة حاسمة، وتبقى العناية بطبيعة الحال ومن الناحية التكتيكية. متركزة فى الحرب المتحركة ذات المستوى الرفيع والصفة القابلة للتشكل بمختلف الأشكال فى طبيعتها.

ولما كان فن الحرب قد تغير وأصبح أكثر إحكامًا فى أوربا، فقد استحدثت بمرور الزمن حركات حربية جديدة، أو قل إنه قد نشأ بحق نهج متميز للحرب أولا فى النمسا ثم فى روسيا المواجهة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015