منهم إلا دوزى وتبعه فى ذلك ميلر فاجتهدا أن يحكما على شخصية الحاكم حكمًا منزها عن الهوى.

وفى رأيهما أن شخصية الحاكم قد جمعت بين المغيرة على الدين إلى حد التعصب وبين النزوع المأثور عن المشارقة إلى الاستبداد. ولكنها لا تخلو من خلة تهدف إلى المثل الأعلى. فمن البيّن أن كثيرًا من النظم التى سنّها واشتد الناس فى ذمها قد رمى بها إلى كبح جماح الفساد الذى تردى فيه شعبه؛ وقد ضرب لهم مثلا رائعًا بسلوكه الذى لا تشوبه شائبة واحتقاره لكل مظاهر الأبهة والفخفخة.

وكثيرًا ما نجد مراسيم حتى فى الطور الثانى من حكمه يحرم فيها ذكر اسمه فى الصلاة إلا فى بساطة متناهية، وقد نهى عن أن يظهر له أحد فروض الاحترام والإجلال المألوفة.

وليس من ينكر على الحاكم سماحته وجوده، وما زال التاريخ يروى مثلا مشاهد السنين التى شح فيها ماء النيل وكيف كان الحاكم يقف وسط شعبه مستجيبًا لكل رجاء دائب السعى لدفع ويلات المجاعة. ومهما يكن من أمر فإن حكم الحاكم، وخاصة فى السنين الأخيرة من عهده، إنما كان قائمًا على رأيه الذى لا ينظر إلى الأمور إلا من ناحية واحدة معرضًا لتقلبات هواه، ومن ثمَّ لا ننكر أن هذا الحكم كان على الجملة وخيم العاقبة على البلاد.

أما عن الأحداث السياسية التى وقعت خارج مصر فى عهد الحاكم، فهذه ليست لها علاقة وثيقة بما نحن بصدده من تحليل شخصيته.

المصادر:

أفضل المصادر هى:

(1) ابن خلكان، ترجمة ده سلان de Slane, جـ 3، ص 449 وما بعدها.

(2) ابن العبرى Chronicon طبعة رضي الله عنهraus، ص 211 وما بعدها.

(3) المقريزى: الخطط؛ جـ 2، ص 277، 282 وما بعدها؛ 341 وما بعدها.

(4) وقد أجمل له ساسى de Sacy البحث فى الأدب المشرقى فى مصنفه الجوهرى صلى الله عليه وسلمxpose sur la religion des عز وجلruzes، ص 278 وما بعدها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015