ويقال أن جده زوطى كان عبدا جلب من كابل إلى الكوفة، وأطلق سراحه واحد من قبيلة عربية من تيم الله بن ثعلبة. وغدا هو وأحفاده على هذا من موالى تلك القبيلة. وكان أبو حنيفة يلقب أحيانا التيمى. ولا يعرف عن حياته إلا القليل جدا، فلا نعرف غير أنه عاش فى الكوفة خزازا يبيع الخز، ومن المؤكد أنه حضر مجالس الدرس لحماد ابن سليمان المتوفى سنة 120 هـ الذى كان يدرّس الفقه الدينى فى الكوفة، وربما حضر بمكة فى ذهابه للحج مجالس عطاء بن أبى رباح المتوفى سنة 114 هـ أو 115 هـ ويجب أن نتداول بحذر الأثبات الطويلة التى دونها من ترجموا له بآخرة عن الثقات الذين يقدر أنه سمع عنهم الأحاديث. وبعد موت حماد أصبح أبو حنيفة عمدة الثقات فى مسائل الفقه بالكوفة والممثل الرئيسى لمدرسة الكوفة الفقهية. وقد جمع حوله عددا كبيرا من خاصة المريدين الذين لقنهم مذهبه. ولم يل القضاء أبدا. ومات فى السجن ببغداد حيث دفن.
وفى سنة 459 هـ (1066 م) بنيت على قبره قبة. ولايزال الحى الذى حول الضريح يسمى الأعظمية، وكان الإمام الأعظم هو اللقب الشائع لأبى حنيفة.
وقد سيقت قصة سيرته على أن الخليفة العباسى المنصور أشخصه إلى عاصمته الجديدة التى بناها وأراد أن يوليه قضاءها وأنه سجنه لإبائه الصريح. وثمة رواية أخرى تقول إن الوالى الأموى يزيد بن عمر بن هبيرة الذى كان عاملا لمروان الثانى عرض عليه من قبل قضاء الكوفة وضربه بالسياط مرة ومرة ليقبل، ولكن دون جدوى. وهذه وشبيهاتها من قصص قصدبها القاء ضوء على نهاية أبى حنيفة فى السجن، وأن الإمام يجب ألا يكون قاضيا، وإن بدا هذا غريبا فى نظر الأجيال المتأخرة. والصحيح -فيما يرجح- أنه قد يكون ورط نفسه بتلميحات ليس فيها احتراس وقت فتنة العلويين: النفس الزكية وأخيه إبراهيم سنة 145 هـ, فأشخص إلى بغداد