خلافة المعتصم، ولما دمرت عمورية سنة 223 هـ (838 م) بعث به قاضى القضاة أحمد بن أبى دؤاد المعتزلى إلى سر من رأى ليمثل بين يدى الخليفة. وتذكر الخليفة صوت الشاعر الأجش، وكان قد سمعه بالمصيصة، فلم يسمح له بالمثول فى حضرته إلا بعد أن استوثق أنه قد صحب معه راويا حسن النشيد (أخبار أبى تمام، ص 143 - 144)، وهنالك أخذ أبو تمام يتبوأ مكانته كأشهر مداح فى عصره. ولم تقف قصائده عند مدح الخليفة بل تجاوزت ذلك الى مدح أكابر أعيان زمنه، ومن بين هؤلاء أحمد بن أبى دؤاد، وإن كان أغضبه إلى حين بقصيدة كال فيها المديح لعرب الجنوب الذين تنتسب اليهم قبيلة طيئ وانتقص من قدر عرب الشمال الذين كان قاضى القضاة يربط نسبه بهم. ولم يكن بد من أن يقول الشاعر قصيدة أخرى فى مولاه يعتذر بها عن هذه السقطة حتى يرده إلى سابق عطفه (أخبار أبى تمام، ص 147 وما بعدها) وثمة شخصيات أخرى مدحها أبو تمام نذكر منها على سبيل المثال: القائد أبا سعيد محمد بن يوسف المروزى الذى كان أبلى بلاء حسنا فى حرب الروم وفى الحملات التى شنت على بابك الخرمى، وابنه يوسف الذى قتله الأرمن سنة 237 هـ وهو يلى أمر أرمينية، وأبادلف القاسم العجلى المتوفى سنة 225، وإسحق بن ابراهيم المصعبى صاحب جسر (أى صاحب الشرطة) بغداد من سنة 207 إلى سنة 235 هـ وكان الحسن بن وهب كاتب الوزير محمد بن عبد الله الزيات من المعجبين بأبى تمام خاصة.

وارتحل أبو تمام عسدة مرات ليزور ولاة الأقاليم أمثال والى الجبل محمد بن الهيثم (أخبار أبى تمام، ص 188)، وخالد بن يزيد والى أرمينية فى خلافة الواثق المتوفى سنة 230 هـ (أخبار أبى تمام ص 188 وما بعدها) وغيرهما. وكان شخوصه إلى عبد الله بن طاهر فى نيسابور أشهر رحلاته, على أنه لم ينل من عبد الله ما كان يرجوه من عطاء كما أن الجو البارد لم يلائمه فأسرع بالعودة أدراجه، ولكن الثلج احتجزه فى همذان فاستغل الوقت المتاح له وصنف أشهر دواوينه "الحماسة"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015