التحقق، وإن لم يكن على وجه موضوعى تام، إلا أنه فيما يتعلق بالبصر والحواس الأخرى على الأقل، ضرب من الوهم الذي يحيا فيه المقربون حياة دائمة. فالجنة أشبه ما تكون بسوق عظيمة تشترى فيها الصور، وتقترن فيها اللذات العقلية باللذات الحسية، وتوجد في متاع العلم والملك والسيطرة، وفي تذوق السعادة الحقة، إلا أن رؤية الله هي السعادة القصوى التي تحصل للمقربين.

وقد أقر علم التوحيد الإسلامي السنى مشاهدة الوجه الكريم أو رؤية الله: فالغزالى يقول إن الله سُيَرى من غير هيئة أو صورة. وهذا الاعتقاد يبدو غير متمش مع القرآن؛ لأن الله في القرآن يكاد يكون محجوبًا دائمًا، فهو يدعو آدم. دون أن أن يظهر له؛ وهو لم يره نوح؛ ولم ير إبراهيم "خليله " إلا ملائكته. وسأل موسى ربه أن يتجلَّى، فلما تجلَّى ربه للجبل خرَّ موسى صعقًا، حتى إذا أفاق من صعقه تاب وأناب. ولم ير محمد [صلى الله عليه وسلم] نفسه الله، بل هو قد رأى جبريل - عليه السلام -، وذلك في حالة الغشيان المذكورة في سورة النجم، الآية 16 من القرآن، ولم يدرك سدرة المنتهى "إذ يغشى السدرة ما يغشى" وقد ورد في خبر ذكر في (مختصر العجائب) ص 9، أن النبي [صلى الله عليه وسلم] سأل جبريل - عليه السلام -: "هل رأيت ربك؟ " لأ فتململ الملك وأجاب: "أي محمد! إن بينى وبينه سبعين ألف حجاب من النور، إذا قربت من أحدهما احترقت" (?).

ولا يظهر الله في وصف القرآن للجنة، ولكنه مع ذلك حاضر يوم الحساب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015