وهذه الفكرة كانت شائعة في العصور الوسطى حتى بين أوساط المتعلمين في المجتمع الإسلامي. وفي عهد إيلتمش اشتهرت بقعة في جوار "حوض شمس" بدلهى بأنها مأوى الجن (مفتاح الطالبين، مخطوط في مجموعتى الخاصة). ويشير جمالى إلى دار- ضيافة أقامها إيلتمش (سنة 607 - 633 هـ = 1210 - 1235 م) عرفت باسم "دار الجن" لأنه كان من المعتقد أن الجن يؤمونها. وقد أسكن شيخ الإسلام في دلهى، وهو سيد نجم الدين صفره الشيخ جلال الدين تبريزى في دار ليمتحن قواه الروحية. وقد بعث هذا الشيخ بخادمه ليضع نسخة من القرآن في هذه الدار قبل أن يشغلها هو (سير العارفين، دلهى سنة 1311 هـ.، ص 165 - 166) وقد بعث هذا اعتقاد يقضى بأن توضع في كل دار قبل سكناها نسخة من القرآن لتطرد منها الجن. ومنذ أن أعتقد بأن الجن يمكن أن تؤذى الإنس وتصيبهم بعلل خطيرة، فإن كثيرا من الكتاب الدينيين أخذوا يتناولون الأدعية والأوراد التي تفسد أعمال الجن الشريرة. وقد اقترح شاه ولى الله المتوفى سنة 1763 طرائق لطرد الجن من الدور (قول الجميل، كانيور سنة 1291 هـ ص 96، 97).
(ج) وقد بذل سيد أحمد خان محاولة لإسباغ العقلانية على فكرة الجن بتجريدها من كل العناصر الخارقة الخرافية، فذهب إلى أن كلمة جن في القرآن تشير إلى القوم غير المتحضرين وقد فسر عبارة "الإنس والجن" التي جاءت في القرآن أربع عشرة مرة والنصوص المختلفة التي استعمل القرآن فيها كلمة "جن" بأنها إشارات إلى صفات وخصائص مختلفة لهؤلاء "القوم" (تفسير القرآن، ج 7، عليكره سنة 1885، ص 79 - 89)، ولكن هذا الرأى وضعه العلماء موضع النقد.
المصادر:
علاوة على المصادر السابقة والتفاسير المختلفة التي كتبها العلماء المسلمون الهنود انظر:
(1) مولانا محمد زمن: بستان الجن؛ مدارس سنة 1277 هـ.