مدلول خاص وموضوع خاص بالمعنى الحديث. وقد توزعت الكتب الجغرافية العربية بين عدة مناهج ورسائل قائمة بذاتها تناولت وجوهًا شتى من الجغرافيا وصدرت بعناوين من قبيل "كتاب البلدان" و "صورة الأرض" و "المسالك والممالك" و "علم الطرق" .. إلخ. وقد عدّ البيرونى "المسالك" علمًا يتناول تحديد الموقع الجغرافي للأمكنة؛ وأوشك المقدسي أن يتناول معظم وجوه الجغرافيا في كتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم". أما الاستعمال الحالى لمصطلح الجغرافيا بمدلوله القائم فهو في العربية استعمال حديث بعض الشيء.
(2) العصر الجاهلى والعصر الأول للإسلام كانت معرفة العرب بالجغرافيا أيام الجاهلية مقصورة على بعض الأفكار المأثورة القديمة أو على أسماء أماكن جزيرة العرب والأراضى المجاورة لها. والمصادر الرئيسية الثلاثة التي حفظت هذه الأفكار هي: القرآن (9)، والأحاديث النبوية، والشعر العربي القديم. ولا شك أن الكثير من الأفكار التي نحن بصددها قد نشأت في بلاد بابل في العصور القديمة أو اعتمدت على الروايات اليهودية والمسيحية والمصادر العربية الوطنية.
وتعكس الأنظار والمعلومات الجغرافية الواردة في الشعر العربي القديم مستوى ما بلغه العرب الجاهليون في فهم الظواهر الجغرافية وحدود معرفتهم لها. ويحفظ القرآن (2) آثارا لبعض الأفكار الجغرافية والأفكار المتعلقة (3) بخلق الكون تشبه الأفكار البابلية القديمة والإيرانية واليونانية وكذلك المأثورات اليهودية والمسيحية الواردة في التوراة والإنجيل. والآيات القرآنية التي من قبيل: "أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" (سورة الأنبياء (4)، الآية 30)؛ و"الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ... " (سورة الطلاق (5)، الآية 12)؛ و"الله الذي رفع السموات بغير عمد ... " (سورة الرعد (6)، الآية 2)؛ و"جعلنا السماء سقفا محفوظا ... " (سورة الأنبياء (7)، الآية 32)؛ و" ... ويمسك السماء أن تقع