(3) الهند

أثارت مسألة جباية الجزية في الهند من الانفعال أكثر مما أثارت من الدرس العلمي، وقد زعم أن هذه المسألة في الهند كانت وثيقة الصلة من حيث العمل بمبادئ الفقه، أو مذاهب العلماء الهنود المسلمين، أو السياسات التي جرى عليها آل عثمان. والقول الذي أخذ به في هذه البلاد من أن الجزية لم تكن في العادة تجبى في ظل سلطنة دهلى على اعتبارأنها ضريبة دينية مميزة قول يمكن أن ينازع فيه والشاهد على هذا القول قد ذكر فيما يلي.

ويذكر أقدم مصدر انتهى إلينا عن الفتح العربي للسند، وهو البلاذرى (فتوح البلدان، ص 439) أن محمد بن القاسم أخذ يجبى الخراج على اعتبار أنه ضريبة على القوم الذين فتح بلادهم. ويتحدث كتاب "جج نامه" الذي يقال إنه ترجمة فارسية (حوالي سنة 613 هـ = 1216 - 1217 م) لوصف عربي أقدم لهذا الفتح، عن أهل السند (مكتبة وزارة الهند، مخطوط، 435, 268) فيقول إنهم عوملوا معاملة الذميين وأنه قد فرض على أهل براهمن آباد ضريبة رؤوس متدرجة يؤدى الطبقات الثلاث بمقتضاها فئات شرعية هي 48, 24, 12 درهما على التوالى (المخطوط ص 261 - 262). على أن هذا الوصف قد يبدو صدى لسنة متأخرة عن حوادث عام 94 هـ (712 م) تسبق التمييز بين الخراج من حيث هو ضريبة أرض. والجزية من حيث هي ضريبة رؤوس، وهو التمييز الذي حدث في عهد الأمويين المتأخرين وأصبح قاعدة في تعاليم الفقه.

وفي ظل سلطنة دهلى فإن الظروف السياسية، ونعنى بها استمرار قيام زعماء من الهنود المسلمين في المناطق الريفية وانطباع المدة من 801 إلى 932 هـ (1399/ 1398 - 1526 م) بسمات خاصة، لم تكن فيما طهر مواتية لإقامة ضريبة جديدة متميزة تفوضها أقلية على أغلبية. ولم يشر القاضي منهاج الدين السراج الجوزجانى إلى جزية كانت تجبى في المدة المنتهية بسنة 658 هـ (1260 م). ويستعمل أمير خسرو في كتابه "قران السعدين" (عليكره، طبع على الحجر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015