السكان (كالزنوج والمزابية) أو أبناء طائفة خاصة من الصناع تتألف منها طوائف متعددة يرأس كلا منها أمين. أما اليهود فكانوا "امة" يحكمها زعيم يختارونه منهم، وكان الأمناء كلهم يخضعون لسلطان شيخ البلد.
وكان التفتيش على الأسواق منوطا بـ "المكاتب" وعلى الشوارع في أثناء النهار، من أعمال "الكخيا" (وهي كلمة مشتقة من اللفظ الفاوسى كتخدا) وكان التفتيش عليها أثناء الليل من أعمال "أغا الكل، ولابد أن يكون هذا تركيَا. أما المزواو فكان عليه أن يراقب الحمامات وبيوت الدعارة. وكان على "أمين العيون، أن يحافظ على عيون الماء ويتأكد من سلامة ابنيتهاه وكان هذا النظام الأدارى يفى بالأغراض المرجوة منه، ويحفظ الأمن والنظام على أحسن حال، كما يشهد بذلك جميع الرحالة الذين زاروا مدينة الجزائر التركية. ثم زال هذا بزوال هذه السيادة التركية.
وقد شهدت مدينة الجزائر منذ عام 1830 تغييرات متواصلة، ولو أننا حاولنا أن نسهب في بيان هذه التغييرات ونصف المدينة الأوربية التي حلت على مر الأيام محل مدينة الجزائر البربرية والتركية، لخرجنا عن الحدود المرسومة لدائرة المعارف الإسلامية. على أننا لا يسعنا إلا أن نورد هنا بعض الحقائق الهامة وأولاها: زيادة عدد السكان، فقد ارتفع في إحصاء عام 1901 إلى 183.000 نسمة، ثم إلى 144.000 في إحصاء عام 1906، ولم يكن عددهم في هذا الإحصاء الإخير قد عرف وقت كتابة هذه المادة إلا على وجه التقريب. وسكان المدينة الحديثة خليط من أجناس مختلفة كسكان المدينة القديمة. بيد أن الأوربيين حلوا محل الوطنيين كما يظهر ذلك من الأرقام الواردة في إحصاء عام 1901، وهي 69.000 فرنسى، 11.750 يهوديًّا متجنسين بالجنسية الفرنسية و 28250 أجنبيًّا أغلبهم من الأسبان. ومما هو جدير بالتنويه أيضًا ذلك التطور الذي طرأ على الميناء، فقد وسع حوضه الذي لم يكن يتسع لسفن القراصنة إلا إذا تجاورت فيه، وذلك بإكمال حاجز خير الدين، وبناء رصيف جديد في البحر يبدأ من برج باب