وصف ابن حوقل لها، فقد كتب هذا الرحالة يقول: "وجزائر بنى مزغناى مدينة عليها سور على سيف البحر أيضًا، وفيها أسواق كثيرة، ولها عيون على البحر طيبة، وشربهم منها، ولها بادية كبيرة، وجبال فيها من البربر كثرة، وأكثر أموالهم المواشى من البقر والغنم سائمة في الجبال، ولهم من العسل ما يجهز عنهم، والسمن والتين وما يجهز ويجلب إلى القيروان وغيرها. ولها جزيرة في البحر على رمية سهم منها تحاذيها، فإذا نزل بهم عدو لجأوا إليها، فكانوا في منعة وأمن ممن يحذرونه ويخافونه (ابن حوقل، ترجمة ده سلان، المجلة الأسيوية, عدد فبراير 1843، ص 183)، ويشير البكرى في وصفه لإفريقية (كتابه السابق) إلى مدينة الجزائر فيقول أنها "مرسى مأمون يقصد إليه أهل السفن من إفريقية والأندلس وغيرهما".
ويتصل تاريخ الجزائر اتصالا وثيقًا بتاريخ المغرب الأوسط، ذلك أن هذه المدينة خضعت في الفترة الواقعة بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر لسلطان الفاتحين والمطالبين بالملك الذين تنازعوا هذه البلاد فيما بينهم. وقد كانت جزءًا من مملكة بنى حماد، ثم استولى عليها المرابطون، ودانت من بعدهم لسلطان الموحدين , عام 1152 م. ولم حاول بنو غانية أن يعيدوا ملك المرابطين في افريقية استولى علي بن غانية على الجزائر عام (1185 م) ولكنه لم يحتفظ بها طويلا، فقد ثار الأهلون في وجهه، وقدموا طاعتهم إلى المنصور. ولكن يحيى بن غانية استطاع بالرغم من هذا كله، أن يحلو المدينة عام 623 هـ (1226 م)، ثم استعادها المأمون الموحدى , عام 628 هـ (1230 م). وفي عام 632 هـ (1234 - 1235 م) خضعت لسلطان أحد الحكام الحفصيين، وماوافت سنة 664 هـ (1255 - 1256 م) حتى كان أهل الجزائر قد طردوا عامل سلطان تونس، وأنشأوا ضربَا من الحكم الجمهورى. وظلوا مستقلين إلى عام 676 (1277 م) وفي هذه السنة استطاع عاهل بجاية الحفصى أن يخمد نار الثورة بعد أن فشل في ذلك مرتين من قبل. ولما أسس أبو زكريا الحفصى